ولا يخفى : أنّ فساد المعاملة في موارد الحجر والرهن وغيرها ليس بدلالة عقليّة ، وإنّما هي بالأخبار الخاصّة الواردة في موردها (١) وإلّا فلولا تلك الأخبار لجوّزنا المعاملة وإن كانت العين متعلّقا لحقّ الغير كما في بيع العبد القاتل وغيره ، وفي ما نحن فيه ليس أخبار خاصّة بفساد المعاملة ، ولا ملازمة بين التحريم المدلول عليه بالنهي وبين الفساد ، وحينئذ فالحقّ أنّ النهي النفسي عن المعاملة لا يدلّ على فسادها كلّية.
وممّا ذكرنا ظهر فساد ما ذكره أبو حنيفة : من دلالة النهي على الصحّة بدعوى أنّ النهي إنّما يكون لإيجاد الزاجر فلا بدّ من كون المعاملة الصحيحة مقدورة وإلّا فلا معنى للنهي عنها ، ووجه فساده : أنّ المبرز بما هو مبرز مقدور كانت المعاملة صحيحة أم فاسدة ، فافهم.
بقي الكلام في الأخبار الواردة في تزويج العبد نفسه بغير إذن سيّده فقد استدلّ بها القائل بدلالة النهي على الفساد كما استدلّ بها القائل بعدم دلالة النهي على الفساد.
أمّا استدلال القائل بدلالة النهي على الفساد فتقريره : أنّ ورود جواب الإمام عليهالسلام في مقام الردّ على إبراهيم النخعي وابن عيينة حيث حكما بفساد عقد العبد بقوله عليهالسلام : إنّه لم يعص الله وإنّما عصى سيّده فإذا أجاز فهو له جائز (٢) ، يستفاد منه أنّ العقد حيث يكون عصيانا لله ابتداء كما في موارد النهي النفسي يكون فاسدا ، فهو ـ يعني هذا الاستدلال ـ مبنيّ على أخذ العصيان في كلا الفقرتين بمعنى العصيان التكليفي.
وأمّا تقرير عدم دلالته على الفساد فهو مبنيّ على التفكيك بين لفظي العصيان في الرواية بجعل الأوّل بمعنى الوضع وعدم الإمضاء وجعل الثاني تكليفيّا ،
__________________
(١) انظر الوسائل ١٣ : ١٢٤ ، الباب ٤ من كتاب الرهن و ١٤١ ، الباب الأوّل من كتاب الحجر.
(٢) الوسائل ١٤ : ٥٢٣ ، الباب ٢٤ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، الحديث الأوّل.