لدينارين» يكاد أن يلحق بالهذر. وما ورد من قوله تعالى : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ)(١) فالجواب محذوف ، وهو فلا تحزن ، والمذكور علّة له ، والملازمة بين الجزاء المحذوف والشرط محقّقة.
ثمّ إنّ هذه الجملة هل تدلّ على أنّ هذا التلازم بنحو العلّية يعني بنحو يكون الجزاء معلولا للشرط والشرط علّة له؟ الظاهر عدم الدلالة فإنّ استعمالها في اللغة مختلف ، فيصحّ أن يقال : إن كان زيد محموما فهو متعفّن الأخلاط ، وإن كان متعفّن الأخلاط فهو محموم ، وإن كان سريع النبض فهو محموم ، فاستعماله في كون الشرط علّة للجزاء في كون الشرط معلولا للجزاء وفي كونهما معلولين لثالث على السواء. نعم في خصوص الأدلّة الشرعيّة بما أنّ الموضوع علّة لثبوت الحكم يستفاد أنّ الجزاء معلول للشرط ، وبقرينة التفريع في الفاء فبتبعيّة مقام الإثبات لمقام الثبوت يستفاد ذلك ، فهذا أيضا استفيد من القرينة العامّة في الجملة الشرطيّة في غير ما إذا كان الشرط حكما كالجزاء مثل : إذا أفطرت قصّرت وإذا قصّرت أفطرت ، فإنّه بقرينة ذكر الملازمة من الطرفين يستفاد عدم العليّة وإلّا لزم الدور ، كما هو واضح.
بقي الكلام في أنّه هل يمكن أن يستفاد من الجملة الشرطيّة بنفسها أو بقرينة عامّة أنّ الترتّب بنحو العلّة المنحصرة أم لا؟ أمّا الوضع فغير دالّ ؛ لأنّها تستعمل في غير المنحصرة كما تستعمل في المنحصرة ، كما في قولنا : إذا شرب زيد السمّ يموت مثلا (*).
وإنّما الكلام في القرينة العامّة.
ولا يخفى : أنّ محلّ الكلام بين القائلين بحجّيّة المفهوم وعدمها هي هذه المقدّمة ، فالقائل بالمفهوم يدّعي الانحصار ، والمنكر ينكر الانحصار فهو يجوّز حدوث علّة
__________________
(١) فاطر : ٤.
(*) لا يخفى أنّ استاذنا الخوئي قد اختار في دورته اللاحقة أنّ دلالة الجملة الشرطيّة على المفهوم وهو الانتفاء عند الانتفاء بالوضع وبناه على ما يأتي في الأمر الأوّل من الامور التي ينبغي التنبيه عليها من بيان مفاد الجملة الخبريّة والجملة الإنشائيّة كما سيأتي. (الجواهري).