إكرام غير العادل ـ أو أنّه لا يتكفّل إلّا حكم المنطوق وأنّ موضوع حكمه مخصّص بهذه الخصوصيّة ويكون غير واجد الخصوصيّة مسكوتا عنه فجاز أن يثبت بدليل آخر وجوب إكرامه أيضا.
الثاني من الامور : أنّ مسألة مفهوم الوصف أجنبيّة عن مسألة أنّ الأصل في القيود كونها احترازيّة ، وكذا هي أجنبيّة عن أنّ تعليق الحكم على الوصف مشعر بالعلّية.
أمّا الثاني فواضح ، وقد مرّ أنّ صرف العلّية لا تقتضي المفهوم ، بل لا بدّ من انحصارها.
وأمّا كون الأصل في القيود كونها احترازيّة فهي أيضا أجنبيّة عن محلّ الكلام ؛ لأنّها قيلت في مقام احتمال أنّ المولى إذا قال : «ائتني بماء بارد» أنّ قصده وطلبه قد تعلّق بمطلق الماء ، وإن ذكر البارد ؛ لأنّ الحارّ مثلا بعيد المسافة لا لخصوصيّة في البارد. ولا ريب أنّ هذا خلاف ظاهر اللفظ ، فإنّ ظاهر قوله : «ائتني بماء بارد» كون قيد البرودة مقصودا بالطلب لا أنّ الطلب مطلق إلّا أنّ هذا لا يقتضي إلّا تقييد موضوع المنطوق.
وأمّا دلالته على المفهوم ـ وهو انتفاء سنخ الحكم عن غير محلّ الوصف ـ فلا ، ومن هنا نقول بكون القيد ظاهرا في الاحتراز ، ولا نقول بمفهوم الوصف كما سيأتي.
ثمّ إنّ الوصف إذا كان أعمّ من وجه من الموصوف كما في أكرم الرجل الطويل مثلا ، فعلى تقدير القول بالمفهوم إنّما ينفي الحكم عن الرجل القصير بالدلالة المفهوميّة ، وأمّا المرأة القصيرة فلا يدلّ المفهوم على نفي الحكم عنها.
فما يظهر من بعض الشافعيّة (١) : من نفي الزكاة عن الإبل المعلوفة لقوله صلىاللهعليهوآله : في الغنم السائمة زكاة (٢) ليس بصحيح ؛ لأنّ انتفاء الوصف عن الموضوع هو الدلالة
__________________
(١) انظر التذكرة ٥ : ٤٦ ، والمعتبر ٢ : ٥٠٥ في الشرط الثاني من شروط وجوب زكاة الأنعام.
(٢) انظر الوسائل ٦ : ٨٠ ، الباب ٧ من أبواب زكاة الأنعام ، وفي الحديث ٥ منه : «إنّما الصدقات على السائمة الراعية».