المفهوميّة على تقديرها ، وأمّا نفي الحكم لنفي الوصف عن غير الموضوع فلا هو من دلالة المفهوم ولا المنطوق ، فافهم.
ثمّ إنّ الوصف الذي هو محلّ الكلام ليس خصوص الوصف النحوي ، بل مطلق ما يكون مقيّدا جيء به للاحتراز وإن كان جامدا ، فيدخل فيه مثل الجارّ والمجرور في قوله : صلّ إلى القبلة مثلا. فلو ابدل بالقيد فقيل : مفهوم القيد كان أوضح دلالة على المقصود (١).
ثمّ [إنّ] الظاهر أنّ الوصف الذي ذكرناه لا يدلّ على المفهوم أصلا ؛ (لعدم الفرق في نظر العرف بين قولنا : «أكرم إنسانا ، وأكرم حيوانا ناطقا» في كون المفهوم لزوم إكرام الإنسان ، أمّا إكرام غيره فمسكوت عنه من غير دلالة على نفيه. نعم لو اريد من المفهوم أنّ للوصف دخلا في الحكم فليس وجوب الإكرام في «أكرم الرجل العالم» ثابتا لمطلق الرجل ، بل للعلم مدخليّة فيه ، فلا ريب في ظهور الجملة الوصفيّة في ذلك ، فافهم) (٢).
نعم ، إن كان القيد قيدا للحكم فمقتضى تقييد الحكم بذلك القيد انتفاؤه عن غير مورد القيد ، وقد ذكرنا مرارا إمكان رجوع القيد إلى الحكم ؛ لأنّ الحكم الذي هو اعتبار شيء على المكلّف يمكن أن يكون ذلك الاعتبار مطلقا ، ويمكن أن يكون الاعتبار على تقدير من التقادير ، فلا مانع منه. وأمّا إذا كان القيد قيدا للموضوع أو قيدا للمتعلّق فالأوّل نظير قوله : «المالك لمائتي درهم يجب عليه الزكاة» والثاني مثل قوله : «صلّ إلى القبلة» فلا يدلّ إلّا على أنّ موضوع الحكم خاصّ بهذا ، فهو ساكت عن غيره لا أنّه يقتضي نفي الحكم عن غيره لعدم دلالته على انحصار علّة الحكم ولو استفيدت العلّية في بعض الأوصاف ـ وهي الأوصاف النحويّة ـ إلّا أنّ صرف العلّية لا يجدي ما لم يثبت الانحصار.
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٣٨ ، الباب ١٣ من أبواب مكان المصلّي ، الحديث ٣.
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.