في كنانته في منع نزولها في عليّ عليهالسلام ، وبعد تسليم نزولها زعم أن لا حصر ؛ لأنّ إنّما لا تدلّ على الحصر. واستدلّ على عدم إفادتها الحصر بقوله تعالى : (أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ)(١) فإنّ الحياة الدنيا ليست منحصرة في ذلك بل فيها عبادة وتقوى وصلاح وعلم وغير ذلك (٢)(*).
وفيه : أوّلا النقض بقوله تعالى : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ)(٣) مع تسليمه دلالة إلّا على الحصر.
__________________
(١) الحديد : ٢٠.
(٢) التفسير الكبير ١٢ : ٢٥ ـ ٣٠.
(*) لا يخفى أنّ الموجود في تفسير الرازي إصراره على عدم دلالة هذه الآية على ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام وقد ذكر في توجيه مدّعاه امورا لا تليق بمقامه العلمي ، منها : إنكار دلالة (إنّما) على الحصر ، وقد استدلّ بورودها لغير الحصر في القرآن بآيتين :
الاولى : هي قوله : (إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ) [يونس : ٢٤] بتقريب أنّه لا ينحصر مثل الحياة الدنيا بذلك بل كلّ فان فهو مثل من أمثال الحياة الدنيا.
وفيه : أوّلا : أنّ المراد من الدنيا (فعلى) صفة للحياة لا الإضافة ، وثانيا : أنّه إنّما حصر مثلها بمشابه الماء فكأنّه قال : كلّ مثل يذكر للحياة الدنيا هو مضافة مثل الماء إلى آخره. وهذا لا إيراد عليه ، نعم لو حصر مثل الحياة الدنيا بنفس الماء لكان الإيراد متوجّها إلّا أنّ الكاف بقوله : (كَماءٍ ...) إلى آخره ، رفع الإشكال.
الثانية : الآية التي ذكرناها بتقريب أنّ اللهو واللعب ليس منحصرا في الدنيا بل يجوز أن يكون في الجنّة لهو ولعب أيضا. والجواب هو ما ذكرناه في المتن. وأمّا الحصر فهو حصر الحياة الدنيا في اللهو واللعب لا حصر اللهو واللعب في الدنيا كي يتمّ ما ذكره من وجود اللهو واللعب في الجنّة أيضا ، فافهم وتأمّل.
(٣) الحديد : ٢٠.