موضوعه ؛ لأنّ العامّ لا يحقّق موضوعه ولا معنى حينئذ للتمسّك بالعموم أصلا ؛ لأنّ العنوان الوجودي قد عنون العامّ فلا يمكن التمسّك به في الشبهات المصداقيّة.
واخرى لا يؤخذ فيه أن يكون محكوما بحكم بالعنوان الأوّلي ، ومثل هذا قد يكون محكوما بحكم بعنوانه الأوّلي مخالف لحكمه بعنوانه الثانوي :
فتارة يكون العنوان الثانوي مقدّما بنظر العرف ؛ لأنّهم يفهمون أنّ حكمه بعنوانه الأوّلي حكم له في نفسه فلا ينافيه حكمه الثانوي بحسب العوارض ، فيرتفع حكمه الذي هو بعنوانه الأوّلي ويثبت حكمه بعنوانه الثانوي كما في شرب الماء ، فإنّ حكمه الإباحة إلّا أنّه إذا كان مضرّا فحكمه الحرمة ، وليس بين الأدلّة تعارض أصلا ؛ لأنّ العرف يفهم تقديم العنوان الثانوي.
واخرى لا يكون العنوان الثاني مقدّما بنظر العرف ؛ لعدم فهمهم ما تقدّم ، فقد ذكر صاحب الكفاية قدسسره تحقّق التزاحم فيرجع إلى أقوى المناطين مناط الحكم بالعنوان الأوّلي ومناط الحكم بالعنوان الثانوي إن كان بينهما ما هو أقوى ، وإن لم يكن بينهما ما هو أقوى يتساقطان ويرجع إلى حكم آخر غيرهما (١).
ولا يخفى أنّه لا يمكن المساعدة على ما ذكره من جهتين :
الاولى : أنّ المقام ليس من باب التزاحم ؛ لأنّا قد ذكرنا أنّ مناط التزاحم أن لا يمكن للمكلّف امتثال كلا التكليفين لعجزه بعد جعل المولى لكلّ من الحكمين ، وفي المقام لا يمكن الجعل ؛ إذ جعل الحكمين بعنوان أوّلي وثانوي لشيء واحد جعل للحكمين المتناقضين لشيء واحد ، فالمقام من مقامات التعارض.
الثانية : أنّ أقوائيّة المناط لا تقتضي إلزام التقديم ؛ إذ قد تكون الأقوائيّة بمقدار لا يقتضي الإلزام ، فليس الإطلاق صحيحا ، بل لا بدّ من تقييد تقديم أقوى المناطين حيث تكون الأقوائيّة ملزمة ، وإلّا فلا تحقّق الوجوب له ، بل إنّما تحقّق الاستحباب حينئذ.
__________________
(١) انظر كفاية الاصول : ٢٦٢.