أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تابُوا)(١) فهل يرجع الاستثناء إلى خصوص الأخيرة فيرتفع الفسق فقط بالتوبة ، أو يرجع إلى الجميع فيسقط الحدّ وتقبل شهادته وينتفي فسقه بالتوبة؟ قيل بالأوّل كما عن جماعة (٢) وبالثاني عن آخرين (٣) وصاحب الكفاية ذهب إلى تخصيص الأخير للقطع به وإجمال بقيّة العمومات لاحتفاف الكلام بما يصلح للقرينيّة (٤) ، وهناك تفصيل للميرزا النائيني قدسسره يأتي الكلام فيه (٥).
والظاهر : أنّ تخصيص الأخير من العمومات مسلّم إلّا أنّ الكلام في اختصاصه به وعدمه ؛ إذ لا قائل بحسب الظاهر بتخصيص غير الأخيرة دونها ؛ لأنّه ليس على طبق المتفاهمات العرفيّة أصلا.
ولا يخفى أنّ العنوان وإن خصّ بخصوص الاستثناء إلّا أنّ البحث جار في جميع القيود المتعقّبة بالعمومات ، من الوصف والظرف والجارّ والمجرور وغيرها.
والصحيح في أصل المسألة هو ما ذهب إليه الميرزا النائيني قدسسره من التفصيل وملخّصه : أنّ تعدّد الجمل إمّا من جهة تعدّد الموضوع ، أو من جهة تعدّد المحمول ، أو من جهة تعدّد الطرفين معا. فإن كان من جهة تعدّد المحمول مع وحدة الموضوع فإمّا أن يكرّر الموضوع المذكور ثانيا أو لا يكرّر ، فإن لم يكرّر الموضوع كما إذا ورد «أكرم العلماء وأضفهم وسلّم عليهم إلّا الفسّاق» فالظاهر رجوع الاستثناء إلى
__________________
(١) النور : ٤ ـ ٥.
(٢) نسبه في عدّة الاصول إلى الكرخي وأكثر أصحاب أبي حنيفة وراجع المختصر وشرحه للعضدي : ٢٦٠ ـ ٢٦١ أيضا.
(٣) نسبه في عدّة الاصول ١ : ٣٢٠ ـ ٣٢١ إلى الشافعي وأصحابه وقوّاه.
(٤) كفاية الاصول : ٢٧٣.
(٥) أجود التقريرات ٢ : ٣٧٥ ـ ٣٧٧.