العمومات الكتابيّة فإنّ من يرجع إلى الخصوصات في قبال ما كان من عمومات الكتاب في زمن الأئمّة يذعن بذلك.
ودعوى : كونه للقرينة القطعيّة ، كما ترى.
وأمّا الكلام في ناحية المانع بعد إحراز المقتضي فقد ذكر أمران :
أحدهما : أنّ الكتاب قطعي السند والخبر الواحد مظنونه ، فكيف يرفع اليد عن المقطوع بالمظنون؟
والجواب : أنّ التخصيص للكتاب إنّما هو في الدلالة وهي ظنّية فهو رفع يد عن ظنّي بظنّي ، وإن شئت قلت : إنّه رفع يد عن قطعي بقطعي ، بتقريب أنّ خبر الواحد بعد فرض حجّيته وشمولها للمقام يكون قطعي الحجّية فقد رفعنا اليد عمّا هو قطعي الحجّية وهو الكتاب بما هو قطعي الحجّية وهو الخبر الواحد ، فافهم.
توضيحه : أنّ العموم في نفسه وإن كان شموله للمورد ظنّيا مثلا قوله تعالى : (وَحَرَّمَ الرِّبا)(١) شموله للربا بين الوالد وولده ظنّي إلّا أنّ أصالة العموم جعلت شموله لكلّ فرد من أفراده حجّة لو لا المخصّص ، فهو حجّة قطعيّة مع قطع النظر عن المخصّص بحيث لو استند المجتهد إليه في مقام الفتيا لكان معذورا ومفتيا بحجّة قطعيّة. وكذا الخاصّ في نفسه مثل قوله : لا بأس بالربا بين الوالد وولده (٢) فإنّه مع قطع النظر عن العموم حجّة قطعيّة أيضا بعد فرض شمول دليل الحجيّة له. فآية النبأ مثلا قد جعلت الخبر الواحد حجّة قطعيّة أيضا بحيث لو استند إليه المفتي لكان مستندا إلى حجّة قطعيّة ، وحيث لا بدّ من رفع اليد عن إحدى الحجّتين لاستحالة جعل حجّتين متناقضتين في مورد واحد فلو رفع اليد بحجّية الخبر الواحد عن عموم العامّ لم
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.
(٢) الوسائل ١٢ : ٤٣٦ ، الباب ٧ من أبواب الربا ، الحديث الأوّل ، وفيه : ليس بين الرجل وولده ربا.