ومن هنا ورد في الأخبار أنّه ما عبد الله بمثل البداء (١) ، وأنّه من المواثيق المأخوذة على الأنبياء (٢) ، وأنّه محض الإيمان (٣) إلى غير ذلك (٤) فإنّه يثبت بهذا سلطان الله وقصور العبد وقدرة الله وعجز العبد فإنّه يقدر أن لا يشاء فلا يكون. وحينئذ فإخبار الأئمّة عليهمالسلام إن كان قد ذكر فيه أنّه حتمي فهو حتمي ، وإن كان مقيّدا بعدم المشيئة الإلهيّة لخلافه متّصلا به مثلا فيكون مقيّدا بعدمها التي يعلم الله بعلمه المخزون المكنون تحقّق مشيئته بالخلاف وعدمها. وكذا إن كان مطلقا فهو معلّق على عدم المشيئة من الله بالخلاف. ومن هنا ورد أنّه إذا حدّثناكم بشيء فكان فقولوا صدق الله ورسوله ، وإن لم يتحقّق فقولوا صدق الله ورسوله (٥) وذلك لأنّهم لم يكذبوا وإنّما أخبروا على تقدير عدم المشيئة المخالفة ولكن تحقّقت حينئذ المشيئة المخالفة ، فلو تحقّق ما أخبروا به فرضا كان خلفا وكذبا. وقد وردت الأخبار عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام أنّه في ليلة القدر تنزل أخبار ما يكون فيها إلى حجّة ذلك العصر مع اشتراط المشيئة فيها أيضا (٦).
والظاهر أنّ البداء بهذا المعنى إنّما يوجب إحاطة الله بجميع المكوّنات من المخلوقات والموجودات وأنّ الله قادر على أن يتكوّن الشيء وأن لا يكوّنه. ومن هنا كان التضرّع والدعاء والابتهال إلى الله تعالى ـ بأن يوفّق العبد مثلا لطاعته ويجنّبه عن معصيته ويدفع عنه البلاء ويزيد في رزقه وتوفيقه ـ أمرا ذا شأن مهمّ. ولو كان
__________________
(١) الكافي ١ : ١٤٦ ، الحديث الأوّل ، وفيه : بشيء مثل البداء.
(٢) الكافي ١ : ١٤٧ ، الحديث ٣.
(٣) لم نعثر عليه.
(٤) انظر الكافي ١ : ١٤٦ ـ ١٤٩ ، باب البداء.
(٥) بحار الأنوار ٥٢ : ١٨٥ ، الحديث ٩.
(٦) بحار الأنوار ٤ : ١٠١ ، الحديث ١٢.