جاز الصلاة فيه (١) ، فإنّ القدر المتيقّن منه هو مورد السؤال وهو دم الرعاف ، لأنّ خروج مورد السؤال عن الجواب مستهجن. إلّا أنّ هذا أيضا ليس مانعا عن التمسّك بالإطلاق فإنّ خروج المورد وإن كان مستهجنا إلّا أنّ دخول غيره معه ليس بمستهجن قطعا ، وهذا أمر قد اشير إليه بقولهم : إنّ المورد لا يقيّد الوارد. وهذا أمر واضح بحسب الظاهر ، وقد تسالم الأصحاب عليه حتّى الآخوند نفسه الذي اعتبر عدم القدر المتيقّن في مقام الخطاب في التمسّك بالإطلاق في كفايته (٢) لم يلتزم بذلك في الفقه وإلّا لأسّس فقها جديدا ، وبناء العقلاء على التمسّك بالإطلاق في مثله. بل ومبنى المحاورات العرفيّة على ذلك ، فمن سأل الطبيب عن الرّمان الحامض فأجابه حينئذ الطبيب بقوله : لا تأكل الحامض ، لا يستفيد خصوص حامض الرّمان ، بل كلّ حامض. وهذا بحسب الظاهر واضح جدّا.
بقي الكلام في أنّ الانصراف مانع عن التمسّك بالإطلاق أم ليس بمانع؟ الانصراف على أقسام ثلاثة :
فقد يكون زائلا بأدنى تأمّل وهو المعبّر عنه بالبدوي ، كأن يقول المولى : «يجب على كلّ نجفي شرب الماء عند الزوال» فينصرف إلى ماء النجف ، فلو أنّ نجفيّا كان معه ماء من كربلاء فشربه في النجف فهل يحتمل أنّه لم يمتثل؟ كلّا ؛ لأنّ هذا الانصراف زائل بأدنى تأمّل.
وقد يكون موجبا لظهور اللفظ بحيث لا يرى العرف غيره فردا كما في لفظ الحيوان فإنّه ينصرف إلى غير الإنسان انصرافا يوجب ظهور اللفظ في ذلك ، وهذا مانع عن التمسّك بالإطلاق ، إلّا أنّه قد خرج بقولنا : ورود الحكم على المقسم ، فإنّ الحكم ليس على مقسم يشمله بل نظر العرف لا يراه شاملا للإنسان.
__________________
(١) عن أبي جعفر عليهالسلام قال : في الدم يكون في الثوب إن كان أقلّ من قدر الدرهم فلا يعيد الصلاة ... راجع الوسائل ٢ : ١٠٢٦ ، الباب ٢٠ من أبواب النجاسات ، الحديث ٢.
(٢) كفاية الاصول : ٢٨٧ ـ ٢٨٨.