المطلق في الإطلاق ، مشترك بين الصورتين ، غاية ما هناك حمل النهي على الكراهة ونقول ظهور النهي في التحريم أقوى من ظهور الإطلاق في المطلق.
وبالجملة ، فلم يظهر لنا وجه تفريق القوم بين الصورتين ، وقد ذكر الآخوند أنّ الوجه في حمل المطلق على المقيّد أنّ ظهور الأمر في التعيين أقوى من ظهور الإطلاق في المطلق (١) وهو غريب ، فإنّه ذكر في أوّل بحث الأوامر أنّ ظهور الأمر في التعيين من جهة الإطلاق وعدم ذكر العدل ب «أو» (٢) ، وحينئذ فلا تفاوت بين الإطلاقين ، والظاهر أنّ هذا كلّه تكلّف.
والذي ينبغي أن يقال : إنّ المكلّف إذا أحرز أنّ الحكم الموجّه بالخطابين واحد فلا ريب في حمل المطلق على المقيّد ؛ لأنّ المقيّد حينئذ نسبته إلى المطلق نسبة القرينة إلى ذي القرينة ، فالمطلق هو ذو القرينة والمقيّد هو القرينة. وقد ذكرنا أنّ المدار في تشخيص القرينة فرضها متّصلة بالمطلق فإنّه حينئذ لا يبقى له إطلاق ؛ لأنّ من شروط الإطلاق مقدّمات الحكمة الغير الجارية حينئذ ، لانتفاء عدم البيان قطعا. وعدم إحراز مقدّمات الحكمة كاف في نفي الإطلاق. ولا فرق بين أن يكون الدليلان مثبتين أو أحدهما مثبتا والآخر منفيّا بعد إحراز وحدة التكليف ، فإن من أمر عبده بشراء دار فقال له : اشتر لنا دارا ، ثمّ قال له ثانيا : اشتر لنا دارا واسعة أو لا تشتر لنا دارا ضيقة ، لا ريب في كون المتأخّر قرينة على عدم إرادة الإطلاق من الدار في الأمر الأوّل. إلّا أنّ الكلام في أنّه من أين يحرز وحدة التكليف ، وأنّها تحرز من الخارج أو من نفس الدليلين؟ الظاهر أنّ الثاني كاف ، وتقريبه : أنّ الاحتمالات حينئذ أربعة :
أحدها : أن يكون التكليف واحدا وقد بيّن بالإطلاق ، وكان المقيّد مبيّنا للإرادة الجدّية وأنّ الإطلاق ليس هو المراد جدّا ، وهذا هو المطلوب لنا.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٩١.
(٢) انظر كفاية الاصول : ٩٩.