الثاني : أن يكون التكليف واحدا أيضا ويكون المقيّد لبيان أفضل الأفراد ، وقد ذكرنا أنّ الاحتمال الأوّل أرجح ؛ لأنّ المقيّد يكون قرينة على بيان المراد الجدّي وذكرنا المعيار في قرينيّتها ، والقرينة تتقدّم على ذي القرينة قطعا.
الثالث : أن يكون تكليفان ، أحدهما : متعلّق بصرف الطبيعة ، والآخر : وهو المقيّد بتقيّدها بهذا القيد. وهذا خلاف الظاهر أيضا ؛ لأنّه يلزم أن يكون المقيّد بلفظ «ولتكن تلك الطبيعة مقيّدة» وظاهرها استقلال التكليف.
الرابع : أن يكون المطلق تكليفا والمقيّد تكليفا آخر ، وهذا وإن كان ممكنا ثبوتا إلّا أنّه إثباتا غير ممكن ، والوجه في ذلك : أنّه مثلا لو قال : إن ظاهرت أعتق رقبة ، وإن ظاهرت أعتق رقبة مؤمنة ، فهنا وإن أمكن أن يكون الظهار موجبا لعتق مطلق الرقبة وعتق خصوص المؤمنة إلّا أنّ المكلّف لو أعتق الرقبة المؤمنة أوّلا فهل يجب عليه عتق مطلق الرقبة؟ كلّا ، إذ إنّ المؤمنة جامعة لمطلق الرقبة لصدق المطلق عليها وخصوص المؤمنة لفرض وجدان الوصف أيضا ، ولو فرض اعتبار عدم الإيمان في المطلقة كان عليه بيان ذلك والمفروض أنّ الأمر مطلق. نعم لو أتى بالمطلق أوّلا يجب عليه ثانيا الإتيان بالمقيّد ، ونتيجة ذلك هو أنّ الوجوب تخييري بين أن يأتي بعتق الرقبة المؤمنة أو يأتي بعتق مطلق الرقبة وعتق المؤمنة ثانيا ، ولا ريب في أنّ الوجوب التخييري بين الأقلّ والأكثر بهذا النحو لا يفي به المطلق والمقيّد ، فهو خلاف ظاهرهما. فقد ظهر أنّ وحدة التكليف أمر مستفاد من نفس لسان الدليلين ؛ لأنّ ما عداه خلاف الظهور كما قرّرنا.
نعم ، لو أحرزنا تعدّد التكليف كما في مثل : إن ظاهرت فأعتق رقبة ، وإن أفطرت فأعتق رقبة مؤمنة ، فلا ريب في ظهور التكليف في التعدّد للملاك ، وأنّ أحد الملاكين لا يكفي في تحصيل الملاك الثاني إلّا أنّ المقام ليس فيه إحراز ذلك. وكما ظهر الفرق بين ما إذا احرز تعدّد التكليف وما إذا لم يحرز ، ظهر الفرق أيضا بين ما نحن فيه ممّا لم يحرز فيه وحدة التكليف وبين المورد الذي يحرز فيه تكليفان بينهما عموم من وجه