الخامس : أن ينهى عن حصّة من الطبيعة كأن يقول : صلّ صلاة الليل ، ثمّ يقول : لا تصلّ صلاة الليل في المسجد ، وفي المقام أيضا مقتضى القاعدة أن يكون النهي إرشادا إلى المانعيّة ، فيحمل المطلق على المقيّد كسابقه بعين تقريبه ، فافهم.
هذا كلّه حيث يكون الأمر بالمطلق وبالمقيّد بنحو صرف الوجود المتحقّق بأوّل وجود من تلك الطبيعة. أمّا لو كان بنحو مطلق الوجود كان يكون الحكم انحلاليّا بعدد أفراد تلك الطبيعة ، (فإن تخالفا في الإيجاب والسلب كما في قوله : خلق الله الماء طهورا لا ينجّسه شيء إلّا ما غيّر لونه أو ريحه (١) وما دلّ على انفعال القليل بملاقاة النجاسة (٢) فلا ريب في حمل المطلق على المقيّد بأن يراد من المطلق ما عداه. وإن اتّفقا) (٣) مثل قوله : المسكر حرام ، ثمّ يرد مقيّد كقولك : الخمر حرام ، ففي مثله لا مجال لحمل المطلق على المقيّد سواء في موارد الإيجاب أو الاستحباب ؛ وذلك لأنّ الحكم بنحو مطلق الوجود انحلالي فليس حكما واحدا ليقع التنافي بينهما بالتعيين والترخيص ، فهو أحكام انحلاليّة أحدها غير الآخر ، فذكر الخاصّ المقيّد إنّما هو لبيان فرد من الأحكام المنحلّة فلا منافاة بينها.
نعم ، لو كان المقيّد ذا مفهوم ينفي الحكم عمّا عداه كما إذا قلنا بحجّية مفهوم الوصف في مورد لزوم اللغويّة بدونه كما يساعده الظهور العرفي واخترناه فيما تقدّم يقع التعارض بينه وبين المطلق إلّا أنّه ليس ممّا نحن فيه ، كما أنّه إذا كان في مقام التحديد كما إذا سئل الإمام عن الماء الذي لا ينجّسه شيء فقال عليهالسلام : كرّ من الماء (٤) فإنّ ظاهره تحديده به ، فلا ريب في تقييده لقوله خلق الله الماء طهورا ... إلى آخره فيفيد أنّ ما قلّ عن الكرّ ليس كذلك ، فافهم.
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٠١ ، الباب الأوّل من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٩ ، والسرائر ١ : ٦٤.
(٢) الوسائل ١ : ١١٢ ، الباب ٨ من أبواب الماء المطلق ، والباب ٩ ، الأخبار.
(٣) ما بين القوسين من اضافات بعض الدورات اللاحقة.
(٤) الوسائل ١ : ١١٨ ، الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٧.