وطلب منه أن يقرأ منه على الحاضرين ، وأخذت الكتاب منه ونظرت فيه فإذا هو مليء بالأخطاء النحوية وغيرها ، فقلت له بذلك فقال : لا يهمنا ، في أثناء القراءة سوف أصلحه ، وفعلا قرأه خاليا من الأخطاء.
وعلى أيّ حال ، فقد عاش شيخنا الشهيد مكبّا على تحصيل العلم لم يخلد إلى الراحة ولم يألف السكون ، وقد قضى عشرات السنين من حياته في مدرسة الخليلي في النجف الأشرف ، على تدريس الحوزات العلميّة ، وقد تخرّج على يده مجموعة من العلماء والأفاضل.
وكان من ألمع تلاميذ سيّدنا الإمام الخوئي قدسسره مربي الأعلام ، وأستاذ المجتهدين ، ولم يتخلّف من الحضور في مجلس بحثه عشرات السنين ، وكان يشكل عليه في أثناء تدريسه ، كان الأستاذ ربّما يوافقه أو يردّ عليه ، وقد كتب معظم بحوثه في علم الفقه والأصول ، وقد تصدّى نجله حجّة الإسلام شيخنا المكرّم الشيخ حسن لطبعها وهو من أفضل المبرّات التي يقدّمها لوالده ، كما أنّه من أفضل الخدمات التي يسديها على طلّاب علم الفقه والأصول.
ولم تقتصر معارف شيخنا الشهيد على علم الفقه والأصول ، وإنّما شملت الأدب العربي ، فقد كان من أفاضل الشعراء ، وله ديوان مخطوط قد تلف مع الأسف ، وقد ذكر الشيخ علي الخاقاني بعض قصائده في موسوعته «شعراء الغري».
وقد شاء الله تعالى أن يرزق هذا العالم الكبير الشهادة على أيدي أعتى خلقه البعثيين ، فقد عزّ عليهم أن يكون في الحوزة العلميّة في النجف الأشرف مثل هذا العالم في فضله وثرائه العلمي فألقوا عليه القبض ، ونفّذوا فيه الإعدام وقد خسرت الهيئة العلميّة فذا من أفذاذها وعلما من أعلامها اللامعين ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.