ومنه يظهر : أنّ في المسألة قولين ، والحقّ هو الثاني.
لا لما قيل من صدق الفقر والاحتياج عرفا مع عدم تملّك ما يكفيه لسنته وعدم صدقه مع تملّكه (١) ؛ لأنّي لا أفهم تفاوت الصدق عرفا بين مالك كفاية السنة وأحد عشر شهرا.
ولا للمرويّ في المقنعة : « تحرم الزكاة على من عنده قوت السنة ، وتجب الفطرة على من عنده قوت السنة » (٢) ؛ لعدم دلالته فيه إلاّ بمفهوم وصف ضعيف.
بل للإجماع ؛ حيث إنّ المخالف فيه شاذّ جدّا ، غير قادح في حكم الحدس بالإجماع.
وحسنة أبي بصير : « يأخذ الزكاة صاحب السبعمائة إذا لم يجد غيره » ، قلت : فإن صاحب السبعمائة تجب عليه الزكاة؟! فقال : « زكاته صدقة على عياله ، فلا يأخذها إلاّ أن يكون إذا اعتمد على السبعمائة أنفذها في أقلّ من سنة فهذا يأخذها ، ولا تحلّ الزكاة لمن كان محترفا وعنده ما تجب فيه الزكاة أن يأخذ الزكاة » (٣).
والمرويّ في العلل عن المسائل : وعنده قوت يوم ، أيحلّ له أن يسأل؟ وإن أعطي شيئا من قبل أن يسأل أيحلّ له أن يقبله؟ قال : « يأخذ وعنده قوت شهر ما يكفيه لسنة من الزكاة ؛ لأنّها إنّما هي من سنة إلى سنة » (٤).
وتدلّ عليه أيضا النصوص الآتية ، الدالّة على جواز أخذ الزكاة لمن له ثلاثمائة درهم ، أو أربعمائة درهم ، أو مائتا درهم ، أو سبعمائة درهم ، أو
__________________
(١) كما في المدارك ٥ : ١٩٤ ، والذخيرة : ٤٥٣.
(٢) المقنعة : ٢٤٨.
(٣) الكافي ٣ : ٥٦٠ ـ ١ ، الوسائل ٩ : ٢٣١ أبواب المستحقين للزكاة ب ٨ ح ١.
(٤) العلل : ٣٧١ ـ ١ ، الوسائل ٩ : ٢٣٣ أبواب المستحقين للزكاة ب ٨ ح ٧.