كالإسكافي ، وظاهر أنّ انتفاء ذلك غير كاف في إثبات العدالة.
وبين من اعتبر عدم كونه من أصحاب الكبائر (١) ، وظاهر أن لا تعلم منه كبيرة ، وانتفاؤه أيضا لا يثبت العدالة ، بل مجرّد اجتناب الكبائر ـ كما في بعض العبارات أيضا ـ غير مستلزم لها ؛ إذ ليست العدالة مجرّد اجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر ، كما أن عدم الفسق أيضا لا يستلزمها ؛ إذ الظاهر أنّ مرادهم عدم إعطائها من يعلم فسقه ، كما لا يخفى على من نظر في كلماتهم ، فمجهول الحال واسطة.
مع أنّه صرّح الشيخ في الخلاف بأنّ عدم اشتراط العدالة مذهب قوم من أصحابنا ، وهم غير معروفين عينا وعددا ، فكيف يمكن معه دعوى الإجماع؟! مع أنّ العدالة عند جمع من القدماء : مجرّد ظاهر الإسلام (٢).
ومنه يحصل الخدش في شهرة اشتراط العدالة المطلوبة بين القدماء أيضا.
بل نقول : إنّ الاختلاف في أمر العدالة واضح ، ولا يتّفق كلام اثنين من القدماء على أمر واحد غالبا ، فأيّ معنى من معانيه يمكن إثبات الشهرة أو دعوى الإجماع عليه ، سوى القدر المشترك ، الذي ليس هو أمرا زائدا على ظاهر الإسلام؟! والثاني : بحصول البراءة اليقينيّة بما تقتضيه الإطلاقات.
والثالث : بمنع كون كلّ غير عادل ظالما ، ومنع كون إعطاء الزكاة ركونا بل معونة وتقوية أيضا ، وإنّما هو أداء حقّ منهم ، كردّ وديعته وقرضه. ومنع النهي عن مطلق معونته وتقويته ، وإنّما هو في ظلمة.
والرابع : بمنع اختصاص أهل الولاية بالعدل ، بل صرّح في
__________________
(١) انظر : الشرائع ١ : ١٦٣ ، والمفاتيح ١ : ٢٠٨.
(٢) كالشيخ في النهاية : ٥١٠ ، والراوندي في فقه القرآن ٢ : ١٦٥ ، وانظر : المقنعة : ٧٢٥.