في قوله : « ليس لأحد أن يصلّي صلاة إلاّ لوقتها » ، فيدلّ على أنّ الزكاة أيضا لا تؤدّى إلاّ لوقتها ، والمعلوم من وقتها أنّه بعد الحول وليس قبله وقت ، وأمّا تحديده بحدّ بعده فعين المتنازع فيه. وأمّا قوله : « ولا يصوم » إلى آخره ، فالمطلوب منه أيضا أنّه لا صوم إلاّ في غير وقته إلاّ بعنوان القضاء ، فكذلك الزكاة ، فلا زكاة في غير وقته ، ولكن الكلام في تعيين الوقت.
وما في الأخيرين من الضعف المانع عن الحجيّة.
وما في الأخير من الإجمال الحاصل من مدافعة أوله مع ما بعده.
والجمع بين الأول وما بعده ـ بالتفرقة بين العذر وغيره ـ غير معلوم ؛ لجواز الجمع بالتفرقة بين الأصل والرخصة ـ كما ورد في عبارة المفيد (١) ـ أو بين الإعطاء والإخراج ، بحمل الأول على الأول والثاني على الثاني ، بأن يراد من الدفع : الدفع من المال.
ومن جميع ما ذكرنا ظهر أنّه لا حاجة في الجواب عن هذه الأخبار بلزوم حملها على العزل للجمع بينها وبين ما مرّ حتى يقال : إنّ الجمع بذلك فرع التكافؤ وهو هنا مفقود ؛ لاستفاضة هذه الأخبار وشهرتها ، وحكاية الإجماع ، واحتمال ورود ما مرّ للتقيّة ، فإنّ جواز التأخير محكيّ عن أبي حنيفة (٢).
مع ما في بعض ما مرّ من الوهن ، فإنّ الموثّقة تتضمّن جواز الاكتفاء عن العزل بالكتابة والإثبات ، مع أنّ الظاهر أنّه ليس مراد القائلين به ، وبعض أخبار جواز تأخير الزكاة تتضمّن جواز تقديمها أيضا (٣). وهو غير جائز.
مع أنّه يمكن التفصّي عن هذه الأمور أيضا بمنع فقد التكافؤ ،
__________________
(١) في المقنعة : ٢٤٠.
(٢) كما في المغني لابن قدامة ٢ : ٥٤١.
(٣) الوسائل ٩ : ٣٠٨ أبواب المستحقين للزكاة ب ٥٣.