ابن المستفاد وكتاب الوصيّة في ميزان النقد الرجالي
لقد مرّت في ثنايا الكلام بعض أقوال الرجاليّين ـ المتقدّمين منهم والمتأخّرين ـ في مقدار الاعتماد على عيسى بن المستفاد ، وكتاب الوصيّة ، مضافا إلى أقوال آخرين ، مثل قول المامقاني : « وكيفما كان فالرجل ضعيف (١) » ، وقول المجلسي : « عيسى بن المستفاد البجلي الضرير ، ضعيف (٢) » ، وعدّ ابن داود عيسى بن المستفاد تارة في القسم الأول من رجاله ، والّذي عقده لذكر أسماء الثقات والمعتمدين ، وتارة في القسم الثاني الّذي عقده لذكر أسماء الضعفاء والمتروكين من الرجال ، إلى غيرها من كلمات الرجاليين والأعلام.
ومن خلال تتبّع كلماتهم كلّها ، وجدنا أنّ الأقوال جميعا لا تتعدّى قولي النجاشى وابن الغضائري ، وأمّا الكشي ، فإنّه لم يذكر عيسى ولا كتابه ، واكتفى الشيخ الطوسي بذكره وذكر كتابه وأنّه يرويه عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان ، ولم يتعرّض له بمدح ولا قدح.
وكيفما كان ، فإنّه لا بدّ هنا من التعرّض لعدّة مباحث لبيان وكشف الحال عن عيسى وكتابه « كتاب الوصيّة ».
البحث الأوّل :
في قيمة تضعيفات وتوثيقات المتأخّرين
قد تقرر في محلّه من علم الرجال ، أنّ قول المتأخّرين من الرجاليين جرحا أو تعديلا ليس حجّة على الغير ، بخلافه عند المتقدمين ـ ويقصد من المتقدمين ، الطوسي والنجاشي وابن الغضائري والكشّي ومن سبقهم ، ويقصد بالمتأخّرين من جاء بعدهم ـ.
__________________
(١) تنقيح المقال ( ج ٢ ؛ ٣٦٣ )
(٢) رجال المجلسي ( ٢٧٦ / الترجمه ١٣٨٧ ) ولا يخفى أنّه ليس صاحب البحار