ليس بذاك ، يدلّ دلالة ذاتيّة على نفي أعلى مراتب العدالة ، وقد تقدّم عليك قولهم في معرض شرح هذا الوصف أنّه « ليس بذلك الثقة العظيم » ، نعم ، تجتمع مع مراتب العدالة الباقية دون أعلى مراتبها ، وهذا واضح.
وعليه ، وبعد ما تقدّم من عدم اعتبار تضعيفات المتأخّرين ؛ لكونها اجتهاديّة محضة غالبا ، وعدم الاعتداد بتضعيفات ابن الغضائري ؛ لما قدّمنا من أنّه يتعرّض حتّى للأجلّة بالذم والجرح ، كيونس بن عبد الرحمن الّذي هو أشهر من الشهرة في العدالة ؛ فضلا عن أعمّيّة الضعف عنده ممّا هو عليه عند المحقّقين المتأخّرين ، ولما تحقّق في محلّه من أنّ قول النجاشي في عيسى « لم يكن بذاك » يشعر بنوع مدح.
من كلّ ذلك نستنتج أنّ عيسى بن المستفاد إمامي ممدوح بدلالة الالتزام من صريح الأقوال المتقدّمة على أقلّ تقدير ، وإلاّ فعلى التقدير الحسن هو ممدوح بالألفاظ القريبة من الصراحة ؛ لما علمت من أنّ قولهم : « لم يكن بذاك » يساوي قولهم : « لم يكن بذاك الثقة العظيم ».
ولا يفوتنا أن نشير إلى أنّ ابن داود ، قد ذكر ابن المستفاد في القسمين من رجاله ، ولعلّ الّذي حدا به إلى هذا ، هو استشعاره المدح من قول النجاشي ، فذكره في القسم الأوّل من رجاله الّذي ذكر فيه الثقات والمعتمدين ، وباعتبار عدم صراحة العبارة في المدح ؛ ذكره في القسم الثاني من رجاله الّذي ذكر فيه الضعفاء والمتروكين.
البحث الرابع ؛ وفيه عدّة مطالب :
المطلب الأوّل : في أسانيد العلماء والمحدّثين إلى كتاب الوصيّة.
قد مرّت عليك تصريحات القوم الّتي تورث العلم الضروري بوجود الكتاب فضلا عن نسبته إلى مصنّفه ؛ وعليه ؛ فالبحث عنه من هذه الجهة تحصيل للحاصل.
ولا يخفى أنّ ديدن العلماء عموما ، والمحدّثين منهم خصوصا ـ المتقدّمين