لكنّ هذه الطبعة أيضا لم تكن لتشفي الغليل ولا لتروي الظمأ ، لأنّها منيت أيضا بنواقص لا يمكن التغاضي عنها.
منها : أنّ المحقّق اختار اسم الكتاب ـ مع وجود الاختلاف فيه ـ دون الإشارة إلى الاختلاف الموجود في اسمه ، ودون الإشارة إلى مأخذه في اسم الكتاب الّذي اختاره.
ومنها : أنّه لم يعين منهجيّته في تحقيق الكتاب تعيينا دقيقا ، مكتفيا بجعله النسخة « ج » ـ وفق منهجا ـ أصلا ، مقابلا إياها مع النسخة « ب » ، مع أنّ النسخة « ب » سقيمة كثيرة الأغلاط ، والنسخة « ج » فيها مواضع غير مقروءة وغير منقوطة ، والمتن في باقي النسخ أفضل منها بكثير في كثير من الموارد ، ومع أنّ النسخة « أ » من أجود النسخ وأضبطها وأقلّها خطأ كما سيأتي وصفها ، وأنّ النسخة « د » لها قيمة متنية خاصّة لا يمكن الاستغناء عنها بحال من الأحوال.
ومن المآخذ على هذا التحقيق الأخير ، هو عدم ذكره للكتب والمصادر الّتي اعتمدت ، أو نقلت عن كتاب الطّرف أو كتاب الوصيّة ، كما أنّه لم يوثّق أيّا من مرويّات الكتاب
ومع الإغضاء عن كلّ ذلك ، نرى استعجال المحقّق بالحكم على عيسى بن المستفاد بالضعف في مقدّمة تحقيقه ، معتمدا على تضعيف ابن الغضائريّ له ، وقول النجاشي « لم يكن بذاك » ، وقد عرفت أن لا قيمة لتضعيفات ابن الغضائري ، كما عرفت أنّ عبارة النجاشي تشعر بنوع مدح لعيسى بن المستفاد.
هذه الملاحظات مضافة إلى ملاحظات أخرى ـ تتّضح من خلال ملاحظة تحقيقنا للكتاب ـ جعلت من تحقيق كتاب « الطّرف » بشكل أكثر جديّة ضرورة ملحّة في إحياء التراث الشيعي بجهد أكبر وتحقيق أدقّ ، غير منكرين فضل الأستاذ الأنصاري وجهوده في تحقيقه للكتاب ، شاكرين له ولمن قبله أتعابهم في إحياء آثار آل محمّد عليهمالسلام.