وظاهر ابن إدريس التنجيس حيث قال : وان لم يغط رأسه لم ينجس ماؤها وهو غريب. وكذا قال المفيد في المقنعة حيث قال : وان ارتمس فيها جنب أو لاقاها بجسمه وان لم يرتمس فيها بأجمعه أفسدها ، ولم يطهر بذلك ووجب تطهيرها [ بنزح سبع دلاء. ويمكن أن يريد بالإفساد تعطيلها بإخراجها عن حد الانتفاع بمائها في رفع الأحداث ، وبقوله « وجب تطهيرها » ] (١) التطهير اللغوي ، لأن بوقوع الجنب فيها ومنع رفع الحدث بمائها عافتها النفس ونفرت من استعمالها.
وأما الرابع فنقول : الأقوى رفع الحدث عن الجنب هناك ، كمذهب العلامة ، لأن المقتضي لسلب حكم الطهورية عن الماء انما هو تحمله للنجاسة (٢) الحكمية عن بدن الجنب ، وذلك انما يحصل بارتفاع حدث الجنابة ، وذهب الشيخان إلى أنه لا يطهر ، وهو بعيد لعدم المقتضي لبطلانه ، ولا إشعار في الروايات المذكورة ببطلانه.
لنا وجوه ، الأول : أصالة صحة النقل. الثاني : أصالة براءة الذمة من وجوب إعادته. الثالث : أنه لو انغمس في ماء قليل كحوض صغير أو إجانة ونوى بعد تمام انغماسه فيه وإيصال الماء الى جميع البدن ارتفع حدثه (٣) إجماعا ففي البئر أولى.
احتج الشيخان بما رواه منصور بن حازم عن أبي يعقوب وعنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله عليهالسلام قال إذا أتيت البئر وأنت جنب ولم تجد دلوا ولا شيئا تغرف به ، فتيمم بالصعيد ، فان رب الماء رب الصعيد ، ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم
__________________
(١) ما بين المعقوفتين ساقطة من نسخة « س ».
(٢) في « س » : بحمله النجاسة.
(٣) في « س » : حدوثه.