مسألة المنع من المستعمل في الكبرى.
والحاصل أن الأصحاب اختلفوا في الماء المستعمل في الطهارة الكبرى هل يرتفع عنه الطهور ويمنع من التطهير به ثانيا أم لا؟ فيه خلاف يأتي بيانه ، فمن قال بزوال طهوريته أوجب النزح هنا ليفيده حكمه الأول ، ومن قال ببقائه على الطهورية لم يوجب النزح ، عدا سلار وابن إدريس فإنهما أوجبا النزح مع القول منهما بطهورية المستعمل وذلك غريب (١).
وأمّا الثاني فنقول : الأقرب ثبوت الحكم على الاغتسال المقارن للنية ، ولا يكفي مطلق النزول والوقوع والدخول ، وهو اختيار المصنف والعلامة ، لأن الماء انما يصير مستعملا في رفع الحدث إذا قصد به ذلك ، لان ما يلاقي بدن الجنب لا للاغتسال لا يزيل الطهورية عنه بالإجماع ، فلو نزلها لغرض أو ارتمس فيها للتبرد (٢) ، أو لغير ذلك لا على قصد الاغتسال لم يجب النزح.
أما الروايات ، فبعضها عام يقتضي تعميم الحكم الشامل للنية وعدمها ، وبعضها قيد بالاغتسال ، ولنا ان نحمل المطلق على المقيد ، وظاهر المقيد يقتضي عدم الاشتراط.
وأما الثالث فنقول : الأقرب أنه لا يحكم بنجاسة البئر ، لأن بدن الجنب غير نجس بالإجماع ، فلا ينجس ما يلاقيه ، وانما أوجبنا النزح لإفادة اعادة الطهورية الزائلة بكونه (٣) صار مستعملا في رفع الحدث ، فلو لاقاه جسم آخر لم ينجس الثاني ، لعدم نجاسة الأول ، ولا تبطل الصلاة ما يقع على البدن أو الثوب منه ، لأصالة بقائه على الطهارة.
__________________
(١) في « ق » ولعله تعبد.
(٢) في « ق » : للتبريد.
(٣) في « س » : لكون.