حقيقة ولا مجازا ، قال تعالى « هل تعلم له سميا » (١) أي : هل يسمى بالله غيره ، وهو علم على الذات [ المقدسة ] (٢) الموصوفة بجميع الكمالات التي هي مبدأ لجميع الموجودات ، إذ لا يجب في كل اسم أن يكون مشتقا ، والا لزم التسلسل ، وهو مذهب الحليل.
وقيل : هو مشتق ، وفي اشتقاقه أقوال :
الأول : أنه مشتق من الالوهة التي هي العبادة ، والتأله التعبد ، ويقال :إله الله فلان الاهة ، كما يقال : عبده عبادة ، فعلى هذا يكون معناه الذي يحق له العبادة ، ولذلك لا يسمى به غيره ويوصف فيما لم يزل بأنه آله.
الثاني : انه مشتق من الوله ، وهو التحير ، يقال : إله يأله إذا تحير ، وهو المروي عن أبي عمرو ، ومعناه : تحير العقول في كنه عظمته وتيهاتها في بيداء جلالته فلا تعرف من ذاته الملائكة المقربون والأنبياء والمرسلون الا ما وقفهم عليه من صفاته ، ومنه سمي الباطن لبطونه واحتجاجه عن تلوث الافهام والخواطر به كنها.
الثالث : انه مشتق من قولهم « ألهت الى فلان » أي : فزعت إليه ، لأن الخلق يألهون إليه ، أي : يفزعون إليه في حوائجهم ، فقيل للمألوه به : إله ، كما قيل للمؤتم به : امام.
الرابع : انه مشتق من قولهم « ألهت إليه » أي : أسكنت اليه ، وهو المروي عن المبرد ومعناه : أن الخلق تسكن الى ذكره « ألا بذكر الله تطمئن القلوب » (٣).
الخامس : اشتقاقه من لاه ، أي : احتجب ، وهو المحتجب بكنه ذاته عن أن تناوله أيدي (٤) العقول والأوهام ، والظاهر لعباده بالدلائل والأعلام ، فلا يعرف منه
__________________
(١) سورة مريم : ٦٥.
(٢) الزيادة ساقطة من « س ».
(٣) سورة الرعد : ٢٨.
(٤) في « س » : أي.