ثمّ الظاهر أنّ مراد القائلين بالأخير الحكم بالعدالة من باب الأصل ، لا أنّه نفس حقيقتها ، كما نبّه عليه في البيان (١) والدروس (٢) والذكرى (٣) والجعفرية (٤) والمسالك (٥) والكفاية (٦) ، وجدّي الأمجد في المعتمد ، ووالدي العلّامة في المستند (٧) ، وغيرهم (٨) ، فإنّ كلمات القائلين به في غاية الظهور ، بل الصراحة في مغايرة حقيقة العدالة لذلك ، كقول الشيخ في المبسوط عند ذكره أقسام المعرفة والجهل بالعدالة :
« الثاني : أن يعرف إسلامهما دون عدالتهما ، لم يحكم بشهادتهما حتى يبحث من عدالتهما » ، إلى أن قال [ ما ملخصه ] : وبه قال قوم إن كان في قصاص أو حدّ ، وإن كان غير ذلك حكم بشهادتهما بظاهر الحال ، ولم يبحث عن عدالتهما بعد أن تعرف إسلامهما.
وقوله في الخلاف (٩) : الأصل في المسلم العدالة ، فإنها لو كانت نفس ظاهر الإسلام لم يصحّ جعلها أصلا فيه ، بل كان نفسها. ويؤمي إلى المغايرة أيضا كلام المفيد (١٠) والإسكافي (١١).
__________________
(١) البيان : ١٣١.
(٢) الدروس الشرعية ١ : ٢١٨.
(٣) ذكرى الشيعة ٤ : ٣٩١.
(٤) رسائل المحقق الكركي ١ : ١٢٦.
(٥) مسالك الأفهام ٢ : ٣٢١.
(٦) كفاية الأحكام : ٢٧٨.
(٧) مستند الشيعة ٢ : ٦١١.
(٨) بحار الأنوار ٨٨ : ٢٥ ؛ ذخيرة المعاد : ٣٠٤ ؛ الكافي في الفقه : ٤٣٥ ؛ الوسيلة : ٢٣٠ ؛ وحكاه السيد العاملي في مفتاح الكرامة ٣ : ٨١ ؛ جواهر الكلام ١٣ : ٢٨١.
(٩) الخلاف ٦ : ٢١٨.
(١٠) حكاه عن المفيد في الحدائق الناضرة ١٠ : ١٨ ؛ ورياض المسائل ٢ : ٣٩٠.
(١١) مجموعة فتاوى ابن الجنيد : ٣٢٨.