يشمل ما أوعد عليه عموما ، كيف وجميع المعاصي من الكبائر والصغائر داخل في عموم قوله تعالى ( وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ ). وكذا الظاهر أنّ الإيعاد بالنار يعمّ الإيعاد بها صريحا أو التزاما وضمنا ، فيشمل ما دلّ عليه بالالتزام ، كما جعل الله سبحانه وتعالى العاق ( جَبّاراً شَقِيًّا ) (١) وأوعد الشقيّ بالنار في قوله عزوجل ( فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ) (٢). أو بالظهور الإطلاقيّ ، كالعذاب والعقاب ونحوهما.
بل لا يبعد جعل أكثر إيعادات الكتاب في الآخرة من هذا الباب ، كاللعنة وسوء الدار والخسران وبئس المصير ونحوها ، إذ الغالب على ما يستفاد من مطاوي الأخبار كون الجزاء بالسوء في الآخرة بالنار ، فينصرف إليه الإطلاق.
ويشهد به الاستشهاد في رواية عبد العظيم إيعاده للكبائر التي هي بالنار في حدّ الكبائر على ما في مستفيضة الأخبار بالآيات الدالّة على مطلق الذمّ عليها.
نعم ، مثل قوله تعالى ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) (٣) غير ظاهر في الإيعاد.
وأما كون الموعد هو الله تعالى ، فالظاهر أنّه لا يصدق هذا على إيعاد.
الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أو الإمام عليهالسلام ولو بالإخبار عن الله عزوجل ، أو في السنّة المتواترة ـ كما عن بعضهم ـ أو مطلق الحديث الصحيح ، كما عن آخر. إذ المتبادر من تخصيص ذلك به سبحانه ، مع أنّ جميع الشرائع صدرت منه ، كون الإيعاد بالنار مذكورا في كلامه ، بل في كتابه فارقا بذلك بين الكبائر والصغائر ، كيف والصغيرة كثيرا ما يوعد بالنار في كلام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو الإمام عليهالسلام ، بل هو لازم العصيان ، غاية الأمر كونها
__________________
(١) مريم (١٩) : ٣٢.
(٢) هود (١١) : ١٠٦.
(٣) الزلزال (٩٩) : ٨.