مكفّرة بترك الكبائر.
ومن هذا صار المعظم إلى ذلك ، وفي الكفاية (١) ظهور الاتّفاق عليه ، وعرفت من بعضهم إرجاع الكلّ إليه.
ثمّ إنّ ما ذكرنا من كون الإيعاد بالنار يلزم أن يكون على الوجه الذي بيّناه من التصريح به في الكتاب أو التعريض ، إنّما هو على التعويل على متفاهمنا منه ، وإلّا فإذا استنبطه الإمام عليهالسلام منه على وجه لا نعلمه ظاهرا ودلّ عليه خبر معتبر فهو المتبع ، ويعمل به ، كشرب الخمر المعلّل في رواية عبد العظيم ، لكونه كبيرة بأنّ الله سبحانه نهى عنها كما نهى عن عبادة الأوثان ، استنباطا له من مقارنته لها في النهي موافقته لها في العقوبة ، وحيث إنّها النار في الشرك في موضع آخر من الكتاب ، فكانت له أيضا.
بل لو دلّ حديث معتبر على أنّ الذنب الفلاني كبيرة ، من غير ذكر علّة ، ولم نجد مصرّحا عليه بالإيعاد بالتدبّر في الكتاب ، لزم اتّباعه تعويلا على ثبوت الوعيد بها فيه على وجه لا نعلم ، للتوفيق بينه وبين الأخبار المتقدمة المعرّفة للكبائر بالتوعيد بالنار في الكتاب ، أو تخصيصا به بعموم مفهوم حصر تلك الأخبار النافي للكبيرة عن غير ما أوعد الله تعالى.
وعلى هذه الجملة ، فالصواب جعل المتّبع في معرفة الكبائر ما عدّ في حديث الفضل الذي أشرنا إليه ، المرويّ في عيون الأخبار بأسانيد متعدّدة ، فيما كتب به مولانا الرضا عليهالسلام : أنّ الكبائر هي : قتل النفس التي حرّم الله تعالى ، والزنا ، والسرقة ، وشرب الخمر ، وعقوق الوالدين ، والفرار من الزحف ، وأكل مال اليتيم ظلما ، وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير الله به من غير ضرورة ، وأكل الربا بعد
__________________
(١) كفاية الأحكام : ٢٧٨.