للخيرات ، والإبكاء ، لأنّ الإضافة إن كانت بمعنى من ، كما قيل ، أي : باطل الحديث ، وما يلهى عن ذكر الله تعالى ، فظاهر أن القرآن ونحوه ليس منه مطلقا ، أو بمعنى في ، أي : اللهو الواقع فيه ، أعني الغناء ، فإطلاق اللهو الذي هو بمعنى الغفلة والتشاغل عن الله سبحانه والآخرة ، على ما يوجب التذكر لهما ، مجاز قطعا. ونحوه ما إذا أريد بلهو الحديث مطلق الأفعال الملهية ، كما في تفسيره فيما رواه القمّي (١) بالغناء وشرب الخمر وجميع الملاهي.
وهذا التجوّز ليس بأدنى من تخصيص الغناء في الأخبار المفسرة ببعض أفراد ، وهو المستعمل في الباطل ، بل الترجيح للثاني ، لشيوع استعماله في زمن المعصومين ، فيما استعمله بنو أميّة وبنو العبّاس وأتباعهم وأذنابهم في مجالس الخمور والفجور ، حتى أنّ المغنّي والمغنّية كانا ظاهر الاختصاص في من اتّخذ شغله وحرفته التغنّي في أمثال تلك المحافل ، من الجواري والغلمان ، ولأنّ مدلول أكثر الأخبار المفسّرة كون الغناء فردا من لهو الحديث ، وأنّه بعض المراد ممّا قال سبحانه ، كروايات القمّي ، ومحمّد ، ومهران ، والحسن بن هارون.
وفي هذا إشعار بأنّ المراد من لهو الحديث معناه اللغوي والعرفيّ الذي فرد منه الغناء المستعمل فيه ، بل في الأخيرة زيادة إيماء به ، لظهوره في أنّ الغناء الذي أريد من لهو الحديث مجلس ، وهو ظاهر في محافل المغنّيات.
ونحوه الأوّل المفسّر بالغناء وشرب الخمر وجميع الملاهي ، الظاهر في كون الأخير من باب عطف العام على الخاصّ ، وكون الأوّلين من أفراده مع ما في رواية الوشّاء من احتمال كونها تفسيرا لمعنى الغناء ، لا بيانا لحكمه ، فلا يتناول ما لا يصدق عليه لهو الحديث عرفا. ولما في رواية أبي بصير ، في كسب المغنّيات ،
__________________
(١) التفسير القمّي ٢ : ١٦١.