فقال : « التي دخل عليهنّ الرجال حرام والتي تدعى إلى الأعراس ليس به بأس وهو قول الله عزوجل ( وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي ) ـ الآية ـ من كونه قرينة مرجّحة للثاني ، فإنّها ظاهرة في أنّ لهو الحديث هو غناء المغنّيات التي يدخل عليهنّ الرجال » (١) لا مطلقا.
ومن هذا يظهر ضعف التمثّل بإطلاق ما في المرويّ في الكافي ، المذكور أخيرا ، على حرمة مطلق الغناء ، لكونه منزلا على ما فيه من التعليل بالآية ، حسب ما عرفته.
مضافا إلى قوة احتمال نفي إطلاقه بظهوره في بيان حكم كون المحرّم من الغناء كبيرة أوعد الله سبحانه عليها النار ، لا في بيان تحريمه. ونحوه الكلام في الرضويّ.
وأمّا الآية الثانية : فمع أنه لا يبعد كون الغناء المقصود من قول الزور على التفسير به هو الغناء بالباطل أيضا ، كما يشعر به لفظ الزور الذي هو بمعنى الكذب والباطل ، يعارض المفسّرة لها بالغناء ، مع ما تفسيرها بشهادة الزور المعتضد باشتهاره بين المفسرين ، ومع ما رواه الصدوق في معاني الأخبار (٢) عن الصادق عليهالسلام ، قال : سألته عن قول الزور ، قال : « منه قول الرجل للّذي يغنّي أحسنت » فإنّه ينافي ما دلّ على اختصاصه بالغناء ، بل فيه إشعار بكون المراد منه معناه اللغوي ، أي : الكذب والباطل الغير الصادقين على مثل القرآن والخطب والدعاء والرثاء.
وأمّا الأخبار : فالروايات المانعة عن بيع المغنّيات وشرائهنّ غير دالة على حرمة مطلق الغناء. ضرورة أن ليس مطلق بيع من يقدر على التغنّي ـ وإن علم وقوع التغنّي منه ـ حراما ، إلّا بتقييد البيع بقصد التغنّي ، استظهارا بإشعار وصف الموضوع بالغلبة ، وهو ليس دلالة وضعية ، بل مجرّد ظهور عرفيّ ، وهو ليس بأكثر من ظهور
__________________
(١) فقه القرآن ٢ : ٢٥ ، باب المكاسب المحظورة.
(٢) معاني الأخبار : ٣٤٩ ، باب المغنّي.