المغنّي والمغنّية بحكم الغلبة في أزمنة الخطاب ، على ما سمعت في من يعدّ للتغنّي بالباطل من الجواري والغلمان في مجالس اللهو من الأعراس وغيرها ، بل كان تداول فيها دخول الرجال على النساء ، وتعارف فيها التكسب بها ، كما يظهر من الآثار والأخبار ، وخصوص الصحيح : « أجر المغنّية التي تزفّ العرائس ليس به بأس ، ليست بالتي تدخل عليها الرجل » المشعر بمعهودية دخول الرجال عليهنّ.
فالكلام ظاهر في بيع من ذكر ، بقصد تغنّيه بالباطل في مجالس اللهو.
وأما سائر الأخبار الذامّة للغناء ، فغير الثلاثة الأخيرة بكثرتها ، خالية عما دلّ على الحرمة ، وأمثال ما فيها من الذم يذكر كثيرا ما في المكروهات.
وأمّا الثلاثة : فأمّا رواية يونس ، فوجه الدلالة : إمّا تكذيب الإمام عليهالسلام نسبة الرخصة في الغناء إليه ، أو جعله الغناء من قسم الباطل ، والأوّل لا يستلزم المنع ، لاحتماله عدم الإذن ، والإجمال في الجواب لمصلحة ، ولو سلّم ، فغايته الدلالة على المنع في الجملة ، فإنّ نقيض الإيجاب الكلّي السالبة الجزئية ، والثاني غير صريح في الحرمة ، لصحّة إطلاق الباطل على مطلق الهزل ، بل اللغو.
وأما مرسلة الفقيه ، فمدلول ذيله وإن كان حرمة المطلق ، إلّا أنّ قوله عليهالسلام قبله : « والفضائل التي ليست بغناء » الظاهر في كون الوصف سيما باعتبار تعبيره بلفظ الماضي ـ توضيحيا ، خصوصا مع عدم وجه لتخصيص التجويز بالفضائل لولاه ، قرينة على أن المراد بالغناء الذي في مقابله هو الغناء بالباطل ، لا مطلقا.
ومنه يظهر ما في رواية ابن سنان (١) ، فإنّها ظاهرة في أنّ المراد بالغناء المنهيّ عنه في القرآن ، بعض أفراده ، وهو لحون أهل الفسق والكبائر ، المتداولة في الملاهي الغير المذكّرة للآخرة ، بل المخرجة لها عن صدق التلاوة ، ويشعر به آخر الحديث ،
__________________
(١) الكافي ٢ : ٦١٤.