يكون عدم إذن الشارع ، وإن كان مأذونا من قبل المالك ، كمن أذن في صرف ماله في المعصية وأكل طعامه في نهار رمضان ، والضمان إنّما يحصل في الأوّل ، وأمّا على الثاني ، فغير مسلم ، بل مقتضى الأصل مع إذن المالك البراءة عن العوض ، وصرفه على الوجه المحرم لا يوجب الضمان ، والمفروض من الثاني ، لحصول الأذن من المشتري في التصرف في ماله وإتلافه على هذا الوجه ، غاية الأمر كونه مشروطا بالمعاوضة المحرّمة ، وقد أتي بها وإن كانت معصية ، فحصل به شرط الإذن ، فلا ضمان ، وإن لم يحصل به الملك الشرعي والآية لا تدلّ على الضمان ، بل على مجرّد حرمة الأكل بالباطل.
وما قيل من أنّ المشتري أذن في التصرف بشرط عدم استرداد العوض منه ولو من قبل غير البائع ، وحيث انتفى الشرط ينتفي المشروط ويتحقّق الضمان ، مدفوع بمنع هذا الشرط ، فإنّ غرض المشتري العالم بالغصب وبعدم حصول الملك الشرعي له من دفع الثمن إلى البائع هو مجرد تسليط البائع إياه على المبيع ورفع يده عنه من غير رجوع منه إليه ، لا من المالك ، إذ التقدير علمه بعدم رضى المالك وانتظاره الفرصة ، وبالتمكن عن أخذه ، فكيف يكون شرطه الضمني عدم رجوعه عند التمكن.
وكون إذنه مشروطا بالضمان على تقدير رجوع المالك إليه ـ لو سلّم صحّة مثل هذا الضمان ـ غير معهود بينهما ، مع فرض العلم ، مع أنّ الأصل ينفيه.
فالأقوى عدم الضمان مع التلف في الصورة المزبورة.
وإن كان المشتري جاهلا فله الرجوع إلى البائع بالثمن ، عينا مع بقائه ، وعوضا مع تلفه ، قولا واحدا ، وله الرجوع عليه بكل ما اغترم ، ولم يحصل في مقابله نفع من نقص القيمة ، وعوض النماء التالف ، والأجرة ، وقيمة الولد المستولد من الأمة ـ حيث يجب على والده فكاكه ببذل قيمته إلى المالك ـ وما صرفه في المبيع.