مبايعته هو وابن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر وابن عمر وابن عباس ، ثمّ مات عبد الرحمن ابن أبي بكر وهو مصمّم على ذلك ، فلمّا مات معاوية سنة ستين وبويع ليزيد بايع ابن عمر وابن عباس ، وصمّم على المخالفة الإمام الحسين عليهالسلام وابن الزبير وخرجا فارين إلى مكّة فقاما بها. ونزل الحسين عليهالسلام دار العباس (١) ، فعكف الناس على الحسين عليهالسلام يفدون إليه ، ويقدمون عليه ويجلسون حواليه ، ويستمعون كلامه حين سمعوا بموت معاوية وخلافة يزيد. وأمّا ابن الزبير فإنّه لزم مصلاّه عند الكعبة ، وجعل يتردّد في غبون (٢) ذلك إلى الحسين عليهالسلام في جملة الناس ، ولا يمكنه أن يتحرّك بشيء ممّا في نفسه مع وجود الحسين عليهالسلام ؛ لما يعلم من تعظيم الناس له وتقديمهم إياه (٣).
وفي رواية الطبري عن أبي مخنف : فأقبل الحسين عليهالسلام حتّى نزل مكّة ، فأقبل أهلها يختلفون إليه ويأتونه ، ومَنْ كان بها من المعتمرين وأهل الآفاق.
أقول :
بقي الحسين عليهالسلام في مكّة شهر شعبان ورمضان وشوال وذي القعدة وثمانية أيام من ذي الحجّة ، وممّا لا شك فيه أنّ الحسين عليهالسلام في هذه الفترة ، وفي حلقاته مع المعتمرين وأهل الآفاق كان قد كسر الطوق الذي فرضه معاوية على الحديث النبوي الصحيح في علي وأهل بيته عليهمالسلام ، أو في ذمّ بني اُميّة ، أو في بيان أحكام متعة الحجّ وغير ذلك. وبدأ يذكِّر الناس ، ويُسْمِع مَنْ لم يَسْمَع منهم أحاديث النبي صلىاللهعليهوآله في تفسير القرآن ، وفي فضل أبيه علي عليهالسلام ، وفي فضله وفضل أخيه الحسن عليهالسلام ، وفي ذمّ بني اُميّة ونزوهم على منبر الرسول صلىاللهعليهوآله ، وفي الموقف الصحيح عند ظهور الظلم والبدع وغير ذلك من قبيل :
__________________
(١) البداية والنهاية ٨ / ١٦٢. أقول : هي دار هاشم وعبد المطلب ، وهي أشهر دار في مكّة ، تقع في قبال زمزم وباب البيت ، ثمّ سميّت بدار العباس في عهد العباسيِّين.
(٢) غبن الرجل يغبنه غبناً : مرّ به وهو مائل فلم يرَ ولم يفطن له (لسان العرب ـ مادة غبن).
(٣) البداية والنهاية ٨ / ١٥١.