قال ابن سعد : وجعل الرجل والرجلان والثلاثة يتسللون إلى الحسين عليهالسلام من الكوفة فبلغ ، ذلك عبيد الله فخرج وعسكر بالنخيلة ، واستعمل على الكوفة عمرو بن حريث ، وأخذ الناس بالخروج إلى النخيلة ، وضبط الجسر فلم يترك أحداً يجوزه (١).
وروى البلاذري أيضاً قال : ووضع ابن زياد المناظر (٢) على الكوفة ؛ لئلاّ يجوز أحد من العسكر مخافة لأن يلحق الحسين مغيثاً له ، ورتّب المسالح (٣) حولها ، وجعل على حرس الكوفة زحر بن قيس الجعفي (٤).
قال أبو مخنف : … ثمّ أقبل الحسين سيراً إلى الكوفة … حتّى كان بالماء فوق زرود. قال أبو مخنف : فحدّثني السدي عن رجل من بني فزارة قال : كنّا مع زهير بن القين البجلي حين أقبلنا من مكّة نساير الحسين عليهالسلام ، فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن نسايره في منزل ، فإذا سار الحسين عليهالسلام تخلّف زهير بن القين ، وإذا نزل الحسين عليهالسلام تقدّم زهير ، حتّى نزلنا يومئذ في منزل لم نجد بداً من أن ننازله فيه ، فنزل الحسين عليهالسلام في جانب ونزلنا في جانب ، فبينا نحن جلوس نتغدى من طعام لنا إذ أقبل رسول الحسين عليهالسلام حتّى سلّم ، ثمّ دخل ، فقال : يا زهير بن القين ، إنّ أبا عبد الله الحسين بن علي بعثني إليك لتأتيه. قال : فطرح كلّ إنسان ما في يده حتّى كأنّنا على رؤوسنا الطير.
__________________
(١) الطبقات ١ / ٤٦٦.
(٢) المناظر : أشراف الأرض لأنّه ينظر منها ، المنظرة المرقبة. (لسان العرب).
(٣) المسلحة : قوم في عدّة بموضع رصد قد وكّلوا به بإزاء ثغر واحد هم مسلحي ، والجمع المسالح. والمسلحة : كالثغر والمرقب. قال ابن شميل : مسلحة الجند : خطاطيف لهم بين أيديهم ينفضون لهم الطريق ، ويتجسسون خبر العدو ، ويعلمون علمهم لئلاّ يهجم عليهم ، ولا يدعون واحداً من العدو يدخل بلاد المسلمين ، وإن جاء جيش أنذروا المسلمين. المسلحة : القوم الذين يحفظون الثغور من العدو ، سمّوا مسلحة ؛ لأنّهم يكونون ذوي سلاح ، أو لأنّهم يسكنون المسلحة ، وهي كالثغر والمرقب يكون فيها أقوام يرقبون العدو لئلاّ يطرقهم على غفلة ، فإذا رأوه أعلموا أصحابهم ليتأهبوا له. (لسان العرب).
(٤) أنساب الأشراف ٣ / ١٧٨.