ارتحل الحسين عليهالسلام حتّى انتهى إلى زُبالة وفيها سقط إليه (١) مقتل رسوله عبد الله بن بُقْطُر ، ثمّ سار حتّى مرّ ببطن العقبة فنزل بها ، ثمّ سار حتّى نزل شَراف (٢) ، فلمّا كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء فأكثروا ، ثمّ ساروا منها حتّى التقى مع الحرّ بن يزيد التميمي اليربوعي في ألف فارس مع الحرّ ، وكان مجيء الحرّ بن يزيد ومسيره إلى الحسين عليهالسلام من القادسية ؛ وذلك أنّ عبيد الله بن زياد لمّا بلغه إقبال الحسين بعث الحصين بن تميم التميمي ـ وكان على شرطه ـ فأمره أن ينزل القادسية ، وأن يضع المسالح فينظم ما بين القُطْقُطانة إلى خَفّان ، وقدّم الحرّ بن يزيد بين يديه في هذه الألف من القادسية فيستقبل حسيناً عليهالسلام. وقال الحرّ للحسين عليهالسلام : قد أُمرنا إذا نحن لقيناك ألاّ نفارقك حتّى نقدمك على عبيد الله بن زياد ، فإذا أبيت فخذ طريقاً لا تدخلك الكوفة ولا تردّك إلى المدينة تكون بيني وبينك نصفاً ؛ حتّى أكتب إلى ابن زياد وتكتب أنت إلى يزيد بن معاوية إن أردت أن تكتب إليه ، أو إلى عبيد الله بن زياد إن شئت ، فلعل الله إلى ذاك أن يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن أبتلى بشيء من أمرك ، ثمّ إنّ الحسين عليهالسلام سار في أصحابه والحرّ يسايره. قال أبو مخنف عن عُقْبَة بن أبي العَيْزار : إنّ الحسين عليهالسلام خطب أصحابه وأصحاب الحرّ بالبَيْضَة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : «أيّها الناس ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : مَنْ رأى سلطاناً جائراً ، مستحلاً لحرم الله ، ناكثاً لعهد الله ، مخالفاً لسنة رسول الله ، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله. ألا وإنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان ، وتركوا طاعة الرحمن ، وأظهروا الفساد ، وعطّلوا الحدود ، واستأثروا بالفيء ، وأحلّوا حرام الله ، وحرّموا حلاله ، وأنا أحقّ مَنْ غيَّر» (٣). وقال عليهالسلام في ذي حُسُم : «إنّه قد نزل من الأمر ما قد ترون ، وإنّ الدنيا قد تغيّرت
__________________
(١) أي بلغه.
(٢) ما بين واقصة والقرعاء.
(٣) اجتزأنا من الخطبة ما نراه صحيحاً منها وقد بيّنا تقييمنا لكتاب أبي مخنف وما نأخذه منه وما ندع.