قال ابن أبي الحديد : وكان شيخنا أبو القاسم البلخي إذا ذكر عنده عبد الله بن الزبير يقول : لا خير فيه. وقال مرّة : لا يعجبني صلاته وصومه ، وليسا بنافعين له مع قول رسول الله صلىاللهعليهوآله لعلي عليهالسلام : «لا يبغضك إلاّ منافق». وقال أبو عبد الله البصري رحمهالله لمّا سُئل عنه : ما صح عندي أنّه تاب من يوم الجمل ، ولكنّه استكثر ممّا كان عليه (١).
وقال : توصل عبد الله بن الزبير إلى امرأة عبد الله بن عمر ، وهي أخت المختار بن أبي عبيد الثقفي ، في أن تكلّم بعلها عبد الله بن عمر أن يبايعه ، فكلّمته في ذلك ، وذكرت صلاته وقيامه وصيامه ، فقال لها : أما رأيتِ البغلات الشُّهُب (٢) التي كنّا نراها تحت معاوية بالحجر إذا قدم مكّة؟ قالت : بلى. قال : فإياها يطلب ابن الزبير بصومه وصلاته (٣).
وقال ابن أبي الحديد : لمّا نزل علي عليهالسلام بالبصرة ووقف جيشه بإزاء جيش عائشة ، قال الزبير : والله ما كان أمر قطّ إلاّ عرفت أين أضع قدمي فيه إلاّ هذا الأمر ؛ فإنّي لا أدري أمقبل أنا فيه أم مدبر! فقال له ابنه عبد الله : كلا ، ولكنّك فرقت سيوف ابن أبي طالب ، وعرفت أنّ الموت الناقع تحت راياته. فقال الزبير : ما لك! أخزاك الله من ولد ، ما أشأمك!
وكان عبد الله بن الزبير يبغض علياً عليهالسلام وينتقصه ، وينال من عِرضه (٤).
وقال : وروى عمر بن شبة وابن الكلبي والواقدي وغيرهم من رواة السير أنّه مَكَثَ أيام ادعائه الخلافة أربعين جمعة لا يصلّي فيها على النبي صلىاللهعليهوآله ، وقال : لا يمنعني من ذكره إلاّ أن تشمخ رجالٌ بآنافها.
وفى رواية محمد بن حبيب وأبي عبيدة معمر بن المثنى أنّ له اُهَيل سوء يُنغِضِون رؤوسهم (٥) عند ذكره.
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١ / ٣٢٦.
(٢) الشهبة في لون الخيل هي أن تشقّ معظم لونه خيط من الشعر الأبيض.
(٣) شرح نهج البلاغة ١ / ٣٢٦.
(٤) شرح نهج البلاغة ٢ / ١٦٦.
(٥) يغضون رؤوسهم : أي يحركونها.