وروى سعيد بن جبير أنّ عبد الله بن الزبير قال لعبد الله بن عباس : ما حديث أسمعه عنك؟ قال : وما هو؟ قال : تأنيبي وذمي؟
فقال : إنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : «بئس المرء المسلم يشبع ويجوع جاره».
فقال ابن الزبير : إنّي لأكتم بغضكم أهل هذا البيت منذ أربعين سنة ... (١).
وقال : روى عمر بن شبة أيضاً عن سعيد بن جبير قال : خطب عبد الله بن الزبير فنال من علي عليهالسلام ، فبلغ ذلك محمد بن الحنفيّة ، فجاء إليه وهو يخطب ، فوضع له كرسي فقطع عليه خطبته ، وقال : يا معشر العرب ، شاهت الوجوه! أينتقص علي وأنتم حضور؟! إنّ علياً كان يد الله على أعداء الله ، وصاعقة من أمره ، أرسله على الكافرين والجاحدين لحقِّه ، فقتلهم بكفرهم ؛ فشنئوه وأبغضوه ، وأضمروا له الشَّنَف والحسد وابنُ عمِّه صلىاللهعليهوآله حي بعدُ لم يمت ، فلمّا نقله الله إلى جواره ، وأحبّ له ما عنده ، أظهرت له رجال أحقادها ، وشفت أضغانها ؛ فمنهم مَنْ ابتزَّ حقَّه ، ومنهم مَنْ ائتمر به ليقتله ، ومنهم مَنْ شتمه وقذفه بالأباطيل ... والله ما يشتم علياً إلاّ كافر يُسِرّ شتمَ رسول الله صلىاللهعليهوآله ويخاف أن يبوح به ، فيكنّي بشتم علي عليهالسلام عنه.
أما إنّه قد تخطّت المنيّة منكم مَنْ امتدّ عمره وسمع قول رسول الله صلىاللهعليهوآله فيه : «لا يحبّك إلاّ مؤمن ، ولا يبغضك إلاّ منافق» ، (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).
فعاد ابن الزبير إلى خطبته وقال : عَذَرْتُ بني الفواطم يتكلّمون فما بال ابن الحنفيّة؟
فقال محمد : يابن اُمّ رومان ، وما لي لا أتكلّم؟! وهل فاتني من الفواطم إلاّ واحدة؟ ولم يفتني فخرها لأنّها اُمّ أخوي ؛ أنا ابن فاطمة بنت عمران بن عائذ بن مخزوم جدّة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنا ابن فاطمة بنت أسد بن هاشم كافلة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والقائمة مقام اُمّه. أما والله ، لولا خديجة بنت خويلد ما تركت في بني أسد بن عبد العزى عظماً إلاّ هشمته. ثمّ قام فانصرف (٢).
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٤ / ٦٢ ـ ٦٣.
(٢) المصدر نفسه.