ديناً ، وإنّ أفضلهم حالاً عند نفسه الذي يقول في آل أبي طالب ما يقول ، وما هم لهم بشيعة ، إنّهم لأعداء لهم ولغيرهم ، ولكن لما يريد الله من سفك دمائهم ، والتقرّب إليه بذلك منهم. وإنّي والله لا اُؤتى بأحد منكم أكرى أحداً منهم منزلاً ولا أنزله إلاّ هدمت منزله ، وأحللت به ما هو أهله. إنّ البلدان مصّرها عمر بن الخطاب وهو مجتهد على ما يصلح رعيته ، فجعل يمرّ عليه مَنْ يريد الجهاد فيستشيره : الشام أحبّ إليك أمّ العراق؟ فيقول : الشام أحبّ إليّ.
إنّي رأيت العراق داء عضالاً ، وبها فرّخ الشيطان. والله [لقد أعضلوا بي] (١) وإنّي لأراني ساُفرّقهم في البلدان ، ثمّ أقول : لو فرّقتهم لأفسدوا مَنْ دخلوا عليه مع جدل وحجاج ، وكيف ولم ، وسرعة وجيف (٢) في الفتنة ، فإذا خبروا عند السيف لم يخبر منهم طائل ، ولم يصلحوا على عثمان ، وهو من بعد الإمام المظلوم الشهيد فلقي منهم الأمرين ، وكانوا هم أوّل الناس فتق هذا الفتق ، ونقضوا عرى الإسلام عروة عروة ، وأنفلوا البلدان.
والله إنّي لأتقرّب إلى الله بكلّ ما أفعل بهم ؛ لما أعرف من رأيهم ومذاهبهم ، ثمّ وليهم أمير المؤمنين فلم يصطلحوا عليه ، ثمّ يزيد بن معاوية فلم يصطلحوا ، ووليهم رجل الناس جلداً (يعني عبد الملك) ، فبسط عليهم السيف وأخافهم ، فاستقاموا له ، أحبّوا أو كرهوا ؛ وذلك أنّه خبرهم فعرفهم (٣).
قال ابن عساكر : وأنا محمد بن عمر ، حدّثني خالد بن القاسم ، عن سعيد بن عمرو قال : رأيت منادي عثمان بن حيّان ينادي : برئت ذمّة آله ممّن آوى عراقياً ، وكان عندنا رجل من أهل البصرة له فضل يُقال له : سوادة ، من العبّاد ، فقال : والله ما أحبّ أن اُدخل عليكم مكروهاً ، بلّغوني مأمني.
قال : قلت : لا خير لك في الخروج ؛ إنّ الله يدفع عنّا وعنك.
__________________
(١) وردت العبارة في المصدر الأساس (والله لو عضلوا أبي) ، وما أثبتناه بين المعقوفتين هو من تاريخ الطبري. (موقع معهد الإمامين الحسنَين)
(٢) وجفَ : الوجف : سرعة السير. (كتاب العين)
(٣) تاريخ مدينة دمشق ٣٨ / ٣٤٤.