ألم تخنقوا الإمام بجراب النورة في حبسكم؟
ثمّ قال : ألك حاجة؟ قالت : قبض عمّالك أموالي. فأمر بردّ أموالها عليها.
كان مروان سديد الرأي ، ميمون النقيبة ، حازماً ، فلمّا ظهرت المسودة ولقيهم ، كان ما يدبر أمراً إلاّ كان فيه خلل ، ولقد وقف يوم الزاب وأمر بالأموال فأُخرجت ، وقال للناس : اصبروا وقاتلوا ، وهذه الأموال لكم ، فجعل ناس يصيبون من ذلك المال ويشتغلون به عن الحرب ، فقال لابنه عبد الله : سر في أصحابك فامنع مَنْ يتعرّض لأخذ المال ، فمال عبد الله برايته ومعه أصحابه ، فتنادى الناس : الهزيمة! الهزيمة! فانهزموا ، وركب أصحاب عبد الله بن علي أكتافهم.
لمّا قتل مروان ببوصير ، قال الحسن بن قحطبة : أخرجوا إليّ إحدى بنات مروان. فأخرجوها إليه وهي ترعد ، قال : لا بأس عليك.
قالت : وأي بأس أعظم من إخراجك إياي حاسرة ولم أرَ رجلاً قبلك قطّ!
فأجلسها ، ووضع رأس مروان في حجرها ، فصرخت واضطربت.
فقيل له : ما أردت بهذا؟ قال : فعلت بهم فعلهم بزيد بن علي ، لمّا قتلوه جعلوا رأسه في حجر زينب بنت علي بن الحسين عليهالسلام.
بويع أبو العباس السفاح بالخلافة يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلون من شهر ربيع الأوّل سنة اثنتين وثلاثين ومئة ، فصعد المنبر بالكوفة فخطب ، فقال : الحمد لله الذي اصطفى الإسلام لنفسه ، وكرّمه وشرّفه وعظّمه ، واختاره لنا ، وأيّده بنا ، وجعلنا أهله وكهفه ، وحصنه والقوام به ، والذّابين عنه ، والناصرين له ، وخصّنا برحم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنبتنا من شجرته ، واشتقّنا من نبعته ، وأنزل بذلك كتاباً يُتلى ، فقال سبحانه : (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (الشورى / ٢٣).
فلمّا قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله قام بالأمر أصحابه (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) (الشورى / ٣٨) فعدلوا ، وخرجوا خماصاً (١) ، ثمّ
__________________
(١) خماصاً : جياعاً.