وكان عبد الله بن علي بنهر أبي فطرس يصلبهم منكسين ، ويسقيهم النورة والصبر ، والرماد والخل ، ويقطع الأيدي والأرجل. وكان سليمان بن علي في البصرة يضرب الأعناق.
خطب السفاح في الجمعة الثانية بالكوفة ، فقال :
يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ، والله لا أعدكم شيئاً ولا أتوعدكم إلاّ وفيت بالوعد والوعيد ، ولأعملنّ اللين حتّى لا تنفع إلاّ الشدّة ، ولأغمدنّ السيف إلاّ في إقامة حدّ ، أو بلوغ حقّ ، ولأعطينكم حتّى أرى العطية ضياعاً. إنّ أهل بيت اللعنة والشجرة الملعونة في القرآن كانوا لكم أعداء ، لا يرجعون معكم من حالة إلاّ إلى ما هو أشدّ منها ، ولا يلي عليكم منهم والٍ إلاّ تمنيتم مَنْ كان قبله ، وإن كان لا خير في جميعهم ، منعوكم الصلاة في أوقاتها ، وطالبوكم بأدائها في غير وقتها ، وأخذوا المدبر بالمقبل والجار بالجار ، وسلّطوا شراركم على خياركم ، فقد محقّ الله جورهم ، وأزهق باطلهم بأهل بيت نبيّكم ، فما نؤخر لكم عطاء ، ولا نضيع لأحد منكم حقّاً ، ولا نجهزكم في بعث ، ولا نخاطر بكم في قتال ، ولا نبذلكم دون أنفسنا ، والله على ما نقول وكيل بالوفاء والاجتهاد ، وعليكم بالسمع والطاعة. ثمّ نزل.
لمّا صعد السفّاح منبر الكوفة يوم بيعته وخطب الناس ، قام إليه السيد الحميري فأنشده :
دونكموها يا بني هاشمٍ |
|
فجدّدوا من آيها الطامسا (١) |
دونكموها لا علا كعبُ |
|
مَن أمسى عليكم مُلكَها نافسا |
دونكموها فالبسوا تاجَها |
|
لا تعدموا منكم له لابسا |
خلافةُ الله وسلطانُه |
|
وعنصرٌ كان لكم دارسا |
قد ساسها من قبلكم ساسةٌ |
|
لم يتركوا رطباً ولا يابسا |
__________________
(١) الأبيات في الأغاني ٧ / ٢٤٠ ، طبع الدار.