وليس من شك فإنّ قضية إخبار النبي صلىاللهعليهوآله بشهادة الحسين عليهالسلام ، وما يرتبط بها من أحاديث النبي صلىاللهعليهوآله في أهل بيته عليهمالسلام ، سوف تكون الشغل الشاغل لهؤلاء الحجّاج ، حيث سينقلونها إلى قرباهم ومَنْ يثقون به من أصدقائهم ، ومن ثمّ سوف يترقّب الجميع تحقق النبوءة ؛ لأنّ النبي صلىاللهعليهوآله لا يكذب ، وحين يصلهم خبر تحقّقها وبشاعة ما جرى على الحسين عليهالسلام من قبل بني اُميّة وجندهم ، وما ظهر من الحسين عليهالسلام من إصرار على موقفه في إحياء أحاديث جدّه وتوعية الأمّة بها ، ثمّ تضحيته بكلّ غال ونفيس من أجل ذلك ، أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر ، ليس من شك أنّ ذلك سيؤدي إلى انتشار أكبر لتلك الأحاديث. ومن الطبيعي أن يكون ذلك سرّاً في بادئ الأمر ؛ تفادياً لعقوبة النظام وشراسته في هذه المسألة خاصة ، أمّا حين تتصدّع وحدة الدولة بعد موت يزيد ، ويختلف أهل الشام ، ويقتتلون فيما بينهم كما حصل بين مروان بن الحكم ومَنْ معه ، والضحاك بن قيس الفهري ومَنْ معه ، وهما من أبرز وجوه النظام العاملين على تقويمه. ويضاف إلى ذلك استقلال الحجاز والبصرة بقيادة ابن الزبير ، واستقلال الكوفة وما والاها بقيادة المختار ، واستقلال اليمن بقيادة نجدة الخارجي ، واستقلال خراسان بقيادة عبد الله بن خازم ، ليس من شك أنّ وضعاً كهذا سوف تغيب فيه رقابة السلطة على الحديث النبوي الصحيح ، ويبدأ الناس يحدّثون بما عندهم. ومن الطبيعي أن يكون الحديث المرتبط بأهل البيت وعلي عليهمالسلام الذي كانت الدولة تلعنه على المنابر ، والحسين عليهالسلام الذي قُتل وسُيِّر رأسه ورؤوس أهل بيته وأصحابه إلى الشام ، وإخبار النبي صلىاللهعليهوآله بشهادة الحسين عليهالسلام وبكائه عليه منذ ولادته هو من أهم تلك الأحاديث.
وإذا عرفنا أنّ الدولة الاُمويّة لم تسترجع قوتها ووحدتها ، ومن ثمّ فرض سياستها السابقة كما كانت عليه زمن معاوية ويزيد إلاّ بعد عشرين سنة تقريباً ، استطعنا أن ندرك بسهولة كيف أنّ الله تعالى هيّأ لحركة الحسين عليهالسلام التبليغيّة القصيرة جدّاً الظرف المناسب ؛ لتمتدّ وتتسع بعد شهادته مدّة عشرين سنة تقريباً في ظلّ الاختلاف السياسي الشامل