عن حبة العرني قال : كان رجلاً أسود منتن الريح ، له ثدي كثدي المرأة إذا مدّت ، كانت بطول اليد الأخرى ، وإذا تركت اجتمعت وتقلّصت وصارت كثدي المرأة ، عليها شعرات مثل شوارب الهرّة. فلمّا وجدوه قطعوا يده ونصبوها على رمح ، ثمّ جعل عليّ عليهالسلام ينادي : «صدق الله وبلغّ رسوله». لم يزل يقول ذلك هو وأصحابه بعد العصر إلى أن غربت الشّمس أو كادت.
شرح نهج البلاغة ٣ / ٢٠٥ ـ ٢٠٧ : قال نصر : فروى حبّة أنّ عليّاً عليهالسلام لمّا نزل على الرقّة نزل بموضع يُقال له : البليخ ، على جانب الفرات ، فنزل راهب هناك من صومعته فقال لعلي عليهالسلام : إنّ عندنا كتاباً توارثناه عن آبائنا كتبه أصحاب عيسى بن مريم ، أعرضه عليّك؟ قال : «نعم». فقرأ الراهب الكتاب : بسم الله الرّحمن الرحيم الذي قضى فيما قضى ، وسطّر فيما كتب ، إنّه باعث في الأمّيين رسولاً منهم يعلّمهم الكتاب والحكمة ، ويدلّهم على سبيل الله ، لا فظّ ولا غليظ ، ولا صخّاب في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة بل يعفو ويصفح. اُمّته الحمّادون الذين يحمدون الله على كلّ نشر ، وفي كلّ صعود وهبوط ، تذلّ ألسنتهم بالتكبير والتهليل والتسبيح ، وينصره الله على مَنْ ناواه. فإذا توفّاه الله اختلفت اُمّته من بعده ، ثم اجتمعت فلبثت ما شاء الله ، ثمّ اختلفت ، فيمرّ رجل من اُمّته بشاطئ هذا الفرات يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويقضي بالحقّ ولا يركس ، حكم الدنيا أهون عليه من الرماد في يوم عصفت به الريح ، والموت أهون عليه من شرب الماء على الظمآن ، يخاف الله في السرّ وينصح له في العلانية ، لا يخاف في الله لومة لائم. فمَنْ أدرك ذلك النبي من أهل هذه البلاد فأمن به كان ثوابه رضواني والجنة ، ومَنْ أدرك ذلك العبد الصالح فلينصره ؛ فإن القتل معه شهادة. ثمّ قال له : أنا مصاحبك فلا أفارقك حتّى يصيبني ما أصابك. فبكى عليهالسلام ثمّ قال : «الحمد لله الذي لم أكن عنده منسيّاً ، الحمد لله الذي ذكرني عنده في كتب الأبرار». فمضى الراهب معه ، فكان فيما ذكروا يتغدى مع أمير المؤمنين ويتعشى حتّى أُصيب يوم صفين ، فلمّا خرج النّاس يدفنون قتلاهم قال عليهالسلام : «اطلبوه». فلمّا وجدوه