الظاهرة الأولى :
وجود أحاديث النبي صلىاللهعليهوآله في تعظيم أهل بيته عليهمالسلام ، وأحاديثه في ذمّ بني اُميّة في كلّ الكتب السنيّة المعتبرة كالصحاح الستة ونظرائها ، كمسند أحمد بن حنبل ، ومسند ابن أبي شيبة ، والمعجم الكبير والأوسط والصغير للطبراني ، والمستدرك على الصحيحين وغيرها ، وقد دوّنت هذه الموسوعات الحديثية في القرنين الأوليين بعد انهيار النظام الأموي.
الظاهرة الثانية :
انتشار أحاديث النبي صلىاللهعليهوآله برواية علي عليهالسلام في كتابه الصحيفة الجامعة وغيرها في الكتب الأربعة ، وهي المصادر المعتبرة لدى الشيعة. هذه الأحاديث التي تكوّن المضمون الديني الأساسي بعد القرآن عند الشيعة. هذه الأحاديث التي نشرها علي عليهالسلام حين أقبلت الأمّة عليه ونصرته وبايعته ، وعمل معاوية على محاربتها بتصفية حملتها من الشيعة ، ثمّ أراد الحسين عليهالسلام إعادة نشرها وتهيئة الأجواء الآمنة لحملتها ورواتها ، ثمّ قُتل ولم يتيسّر له ذلك ، وإنّما تيسّر للبقية الباقية من شيعة أبيه فنشروا أحاديث النبي صلىاللهعليهوآله في أهل بيته عليهمالسلام ، كما تيسّر للأئمّة من ذرية الحسين عليهمالسلام من بعده وبخاصّة الباقر والصادق عليهماالسلام ؛ ليكوِّنوا أجيالاً شيعيّة جديدة تأخذ معالم دينها من أهل بيت النبي عليهمالسلام ؛ عملاً بوصية النبي صلىاللهعليهوآله وأمر الله تعالى فيهم. وبرز فيهم علماء أمثال زرارة ، ومحمد بن مسلم ، ويونس بن عبد الرحمن ، ومحمد بن أبي عمير ونظرائهم ، يحملون حديث علي عليهالسلام وفتاواه ، ثمّ فتاوى ذرّيته الطاهرين عليهمالسلام ، كما كان حجر بن عدي ، وعمرو بن الحمق الخزاعي ، وميثم الثمار ، ورشيد الهجري ، وحبيب بن مظاهر ، وبرير الهمداني ، ونافع بن هلال ، ومسلم بن عوسجة ، وسليمان بن صرد ، والمختار بن عبيد الثقفي ، وكميل بن زياد ونظراؤهم من وجوه وعلماء شيعة علي عليهالسلام الذين عمل على تصفيتهم النظام الأموي والنظام الزبيري ، بسبب نشاطهم في نشر الحديث النبوي الصحيح. وقد استمر خطّ التشيع لآل البيت عليهمالسلام إلى اليوم على الرغم من محاولات أثيمة جرت لاستئصاله ، ويأبى الله إلاّ أن يتمّ نوره.