إلى الآفاق ، فكانت هذه الكلمات يشار بها على المنابر.
قال أبو جعفر الإسكافي (ت ٢٢٠) (١) : إنّ معاوية وضع قوماً من الصحابة ، وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي عليهالسلام تقتضي الطعن فيه والبراءة منه ، وجعل لهم على ذلك جُعَلاً يُرغب في مثله ، فاختلقوا ما أرضاه. منهم أبو هريرة ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة. ومن التابعين عروة بن الزبير ، ومرّة الهمداني ، والأسود بن يزيد ، ومسروق الأجدع ، وأبو وائل شقيق بن سلمة ، وأبو عبد الرحمن السُّلمي القارئ ، وقيس بن حازم ، وسعيد بن المسيب ، والزهري ، ومكحول ، وحريز بن عثمان وغيرهم (٢).
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مسنداً متصلاً بعمرو بن العاص قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : إنّ آل أبي طالب ليسوا لي بأولياء ، إنّما ولييّ الله وصالح المؤمنين (٣).
__________________
(١) قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ٥ / ٤١٦ : محمد بن عبد الله ، أبو جعفر الإسكافي أحد المتكلّمين من معتزلة البغداديين ، له تصانيف معروفة ، وكان الحسين بن يزيد الكرابيسي صاحب الشافعي يتكلّم معه ويناظره.
(٢) شرح النهج ٤ / ٥٦ ـ ١١٠.
(٣) رواه البخاري ٥ / ٢٢٣٣ (الموسوعة الذهبية) ، مسلم ١ / ١٩٧ ، مسند أحمد ٤ / ٢٠٣ ، وفيها (آل أبي فلان). قال في فتح الباري ١٠ / ٤٢٣ قال : أبو بكر بن العربي في سراج المريدين : كان في أصل حديث عمرو بن العاص أنّ آل أبي طالب ، فغير آل أبي فلان ، كذا جزم به. وتعقّبه بعض الناس وبالغ في التشنيع عليه ، ونسبه إلى التحامل على آل أبي طالب ، ولم يصب هذا المنكر ؛ فإنّ هذه الرواية التي أشار إليها ابن العربي موجودة في مستخرج أبي نعيم من طريق الفضل بن الموفق ، عن عنبسة بن عبد الواحد بسند البخاري عن بيان بن بشر ، عن قيس بن أبي حازم ، عن عمرو بن العاص رفعه : أنّ لبني أبي طالب رحماً أبلهاً ببلالها. وقد أخرجه الإسماعيلي من هذا الوجه أيضاً لكن أبهم لفظ طالب ، وكأنّ الحامل لمَنْ أبهم هذا الموضع ظنّهم أنّ ذلك يقتضي نقصاً في آل أبي طالب ، وليس كما توهّموه كما سأوضحه إن شاء الله تعالى. قوله : ليسوا بأوليائي كذا للأكثر ، وفي نسخة من رواية أبي ذر : بأولياء ، فنقل ابن التين عن الداودي أنّ المراد بهذا النفي مَنْ لم يسلم منهم ، أي فهو من إطلاق الكل وإرادة البعض ، والمنفي على هذا المجموع لا الجميع. وقال الخطابي : الولاية المنفية ولاية القرب والاختصاص لا ولاية الدين ، ورجح ابن التين الأول وهو الراجح ؛ فإنّ من جملة آل أبي طالب علياً وجعفر ، أو هما من أخصّ الناس بالنبي صلىاللهعليهوآله لِما لهما من السابقة والقدم في الإسلام ونصر الدين. وقد استشكل بعض الناس صحة هذا