في المدينة. قال في وصيته عند موته : اللّهمّ إنّك تعلم أنّي لم أعصِ خليفة قطّ ، اللّهمّ إنّي لم أعمل عملاً أرجو به النجاة قطّ إلاّ ما فعلت بأهل المدينة (١). وفي رواية اليعقوبي : اللّهمّ إنّ عذّبتني بعد طاعتي لخليفتك يزيد بن معاوية ، وقتل أهل الحرّة فإنّي إذن لشقي (٢).
ومن التابعين شمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين ، قال أبو إسحاق : كان يصلّي معنا ، ثمّ يقول : اللّهمّ إنّك تعلم أنّي شريف فاغفر لي. قلت : كيف يغفر الله لك وقد أعنت على قتل ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله؟! قال : ويحك! فكيف نصنع؟! إنّ أمراءنا هؤلاء أمرونا بأمر فلم نخالفهم ، ولو خالفناهم كنّا شرّاً من هذه الحمر الشقاء (٣).
ثالثاً : شيعة علي عليهالسلام يتعرّضون للتصفية
وهم طبقة من المحدِّثين فيهم مئات من الصحابة وآلاف التابعين ، لهم معتقد بعلي قام على أساس أحاديث النبي صلىاللهعليهوآله وسيرته مع علي عليهالسلام ، وكذلك قام هذا المعتقد على أساس أحاديث علي عليهالسلام وسيرته في المجتمع خلال السنوات الخمس التي حكم فيها ، وهي سيرة أحيت المعطّل من كتاب الله ، والمكتوم من سنّة النبي صلىاللهعليهوآله ، وتذوّق خلالها الناس كرامة الحياة التي يدعو الأنبياء إليها.
__________________
النبوي كهلاً. وقد أفحش مسلم القول والفعل بأهل المدينة ، وأسرف في قتل الكبير والصغير حتّى سمّوه مسرفاً ، وأباح المدينة ثلاثة أيام لذلك والعسكر ينهبون ويقتلون ويفجرون ، ثمّ رفع القتل وبايع مَنْ بقي على أنّهم عبيد ليزيد بن معاوية ، وتوجّه بالعسكر إلى مكّة ليحارب ابن الزبير لتخلّفه عن البيعة ليزيد ، فعوجل بالموت ، فمات بالطريق ، وذاك سنة ثلاث وستين ، واستمر الجيش إلى مكّة فحاصروا ابن الزبير ، ونصبوا المنجنيق على أبي قبيس فجاءهم الخبر بموت يزيد بن معاوية وانصرفوا ، والقصّة معروفة في التواريخ.
(١) فتوح [ابن] أعثم ٥ / ٣٠١.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٥١.
(٣) لسان الميزان ـ ترجمة شمر بن ذي الجوشن ، وفيه : شمر بن ذي الجوشن أبو السابغة الضبابي ، عن أبيه ، وعنه أبو إسحاق السبيعي ليس بأهل للرواية ؛ فإنّه أحد قتلة الحسين (رضي الله تعالى عنه) ، وقد قتله أعوان المختار. أقول : إنّما صار ليس بأهل للرواية بعد قتله الحسين عليهالسلام.