نمي الخبر إلى يزيد فعزل النعمان بن بشير ؛ خوفاً من أن لا يُقْدِم على الحسين عليهالسلام (١) ، وضم الكوفة إلى عبيد الله بن زياد وطلب منه الذهاب إليها ، ومواجهة حركة مسلم. واستطاع ابن زياد أن يسيطر على الحركة الشعبية الكامنة في الخفاء بواسطة قوى الشرطة والأمن الداخلي الموالية للنظام ، ثمّ ألقى القبض على هانئ ومسلم وقتلهما ، وزج في السجون آلاف (٢) من المستضعفين على الشبهة والظنّة ، وقطع الطرق المؤدّية إلى الكوفة (٣) بالجيش والشرطة الذين رُبّوا على الولاء لبني اُميّة ، والطاعة للنظام منذ عشرين سنة.
بعث يزيد إلى مكّة مَنْ يقتل الحسين عليهالسلام غيلة ، ويصل الخبر إلى الحسين عليهالسلام ، ويقترن ذلك مع وصول كتاب مسلم الذي يخبر فيه أنّ الأجواء مهيّأة للحسين عليهالسلام. خرج الحسين عليهالسلام يوم الثامن من ذي الحجّة من مكّة خوفاً من أن يُغتال في الموسم ، أو يُقتل في الحرم وتستباح به حرمة الحرم (٤) ، وقد حاول والي مكّة منعه من الخروج ولم يفلح.
__________________
(١) طبقات ابن سعد المفقود ١ / ٤٥٩.
(٢) قدر الدكتور الخربوطلي المصري في كتابه المختار بن عبيد الثقفي (٧٤ – ٧٩) إنّ عدد الذين سجنهم ابن زياد يبلغ اثني عشر ألفاً من الشيعة ، منهم المختار نفسه ، ثم اُطلق ونفي إلى الحجاز.
(٣) قال ابن سعد في الجزء المفقود ١ / ٤٦٦ : وجعل الرجل والرجلان والثلاثة يتسللون إلى حسين من الكوفة فبلغ ذلك عبيد الله ، فخرج فعسكر بالنخيلة ، واستعمل على الكوفة عمر بن حريث ، وأخذ الناس بالخروج إلى النخيلة ، وضبط الجسر فلم يترك أحداً يجوزه.
(٤) روى الطبري ٥ / ٣٨٦ ، قال هشام : عن عوانة بن الحكم ، عن لبطة بن الفرزدق بن غالب ، عن أبيه قال : حججت بأمّي فأنا أسوق بعيرها حين دخلت الحرم في أيام الحجّ ، وذلك في سنة ستين إذ لقيت الحسين بن علي خارجاً من مكّة معه أسيافه وأتراسه ، فقلت : لمَنْ هذا القطار؟ فقيل : للحسين بن علي. فأتيته فقلت : بأبي واُمّي يابن رسول الله! ما أعجلك عن الحجّ؟ فقال : «لو لم أعجل لاُخذت». وروى البسوي في كتاب المعرفة والتاريخ / ٥٣٢ كتاب ابن عباس إلى يزيد بعد قتل الحسين وواقعة الحرّة ، جاء فيه : فما أنس من الأشياء فلست بناس إطرادك حسيناً رحمهالله من حرم رسول الله إلى حرم الله ، وتسييرك إليه الرجال لتقتله في الحرم ، فما زلت بذلك وعلى ذلك حتّى أشخصته إلى العراق ، فخرج خائفاً يترقب ، فتزلزلت به خيلك ؛ عداوة لله ولرسوله ولأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. وفي رواية اليعقوبي ٢ / ٢٤٧ : فما زلت بذلك كذلك حتّى أخرجته من مكّة إلى أرض الكوفة ، تزأر به خيلك