.................................................................................................
______________________________________________________
والخمس عن كثير الشك. فالمقتضي للوجوب قاصر في حدّ نفسه ، لاختصاصه بحكم الانصراف بالشكّ العادي المتعارف. هكذا احتمله المحقّق الهمداني (قدس سره) (١).
ولكنّه كما ترى لم يعرف قط وجه لهذا الانصراف ، فإنّه لو تمّ لعمّ وشمل سائر أدلّة الشكوك بمناط واحد ، وليس كذلك جزماً ، إذ لم يدّع فقيه فيما نعلم انصراف مثل دليل الشك بين الواحدة والثنتين أو الثلاث والأربع ونحوهما من سائر أدلّة الشكوك الباطلة أو الصحيحة عن كثير الشك ، بل ارتكبوا التقييد في إطلاق أدلّتها ، فاستثنوا عنها كثير الشك بمقتضى النصوص الواردة فيه ، فلم ينكروا الإطلاق رأساً ، بل قيّدوه جمعاً. وأين هذا من دعوى الانصراف وقصور المقتضي في حدّ نفسه. فهذه الدعوى ساقطة البتّة.
ثانيهما : ما ذكره هو (قدس سره) أيضاً من استفادته من التعليل الواقع في الأخبار ، حيث يفهم منها أنّ المقصود بالأمر بالمضيّ ترك الاعتناء بالشك وكون الاعتناء به إطاعة للشيطان وتعويداً للخبيث ، فنهينا عن تمكينه وتعويده من الأنفس بترتيب الأثر على الشك ، من غير فرق بين تعلّق الأثر بنفس الصلاة أم بما يلحقها كسجدتي السهو.
وهذا الوجه يتلو سابقه في الضعف ، فانّ مورد صحيحة زرارة وأبي بصير (٢) المشتملة على التعليل المزبور هو الشكّ المبطل ، والممنوع عنه هو تطميع الخبيث وتعويده من الأنفس في نقض الصلاة ، الّذي هو أمر مرغوب عنه إمّا محرّم أو لا أقل أنّه مرجوح. فلا دلالة لها على المنع عن مطلق التعويد ولو في محل آخر مستقل غير مرتبط بالصلاة. فهذا حكم خاص بالشكّ الكثير المتعلّق بنفس الصلاة.
__________________
(١) مصباح الفقيه (الصلاة) : ٥٨٦ السطر ٨.
(٢) المتقدّمة في ص ٥.