.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
وما أفاده من كون الحكم بالنسبة إلى الموضوع كعارض الماهية فهو كلام متين ، وقد أشرنا إليه في الجزء الأول ، لكن الظاهر أن مثل هذه الدقائق العقلية لا تتطرق في باب الاستظهار من الأدلة الشرعية الملقاة إلى العرف وان لم نقل باعتبار مسامحاته في مقام التطبيق ، فان الأحكام الشرعية أمور اعتبارية ، وموضوعاتها من الأمور المتأصلة عندهم ، ففي مثل «لا تشرب الخمر» يرون الموضوع بالنظر الدقي هو الخمر الخارجي ، لا الصورة العلمية منه القائمة بنفس المولى.
وحينئذ فالمنفي هو الحكم بلسان نفي موضوعه نفيا ادعائيا لا حقيقيا ، لفرض تقوم النفي الحقيقي بانعدام أفراد الطبيعة خارجا كما في «لا رجل في الدار» وأما مع وجودها خارجا فالنفي بالعناية والادعاء.
وبالجملة : يكفي في صحة نفي الموضوع في الإنشاء نفي موضوعيته للحكم من دون اعتبار عدم ترتب أثره البارز عليه.
وثانيا : بما في تقرير بعض أعاظم العصر (مد ظله) من : «أن المنفي في المقام هو عنوان الضرر ، والضرر ليس عنوانا للفعل الموجب للضرر ، بل مسبب عنه ومترتب عليه ، فلو كان النفي نفيا للحكم بلسان نفي موضوعه لزم أن يكون المنفي في المقام الحكم الثابت لنفس الضرر ، لا الحكم المترتب على الفعل الضرري» (١).
لكن يرد عليه نقضا بما اختاره من كون المنفي نفس الحكم ابتداء وفاقا للشيخ الأعظم والمحقق النائيني ، حيث ان الضرر ليس عنوانا لنفس الحكم ، ولا يحمل عليه بالحمل الشائع ، بل مترتب عليه ، لعدم كون نفس وجوب الوضوء ضررا على المكلف وانما هو ضرري ، فلو لم يصح تعنون العلة والسبب بوصف المعلول والمسبب لم يفرق فيه بين كون الضرر المنفي عنوانا للموضوع أم للحكم ، إذ ليس الضرر محمولا على الموضوع ولا على الحكم حينئذ ، وهذا لا يلتئم مع جعل
__________________
(١) مصباح الأصول ، ج ٢ ، ص ٥٢٧