وأورد له ولده حسن أفندي في الكتاب المتقدم كثيرا من النظم ، من جملة ذلك منظومة رائية طويلة ذكر فيها مزارات حلب وخاناتها وأسواقها ومدارسها وبساتينها نظمها سنة ١١٩٣ ، وهي عندي استنسختها عن هذا الكتاب.
ومن آثاره السبيل الذي أنشأه سنة ١١٨٧ بجانب داره المعروفة بدار ابن عبد السلام ، كما أن السبيل يعرف بهذا الاسم ، وهذه الدار من الدور العظام بحلب ، وقد تكلمت عليها في ترجمة بانيها جان بلاط في الجزء السادس. (الترجمة ذات الرقم ٩٢١).
وكان شراؤها سنة ١١٧٩ كما ذكره ولده في كتابه النفائح. وقد أكثر الشعراء في مدح هذه الدار ومدح السبيل الذي أنشأه فيها ومدح صاحبها ، وكانت تنظم له القصائد الطويلة كلما بنى شيئا من هذه الدار أو في داره العظيمة التي في محلة الجلّوم بجانب مدرسته.
وقد حاول الإنكليز حينما كانوا محتلين في حلب سنة ١٣٣٨ مع العساكر الشريفية الفيصلية أن يأخذوا هذا السبيل البديع ، فلم يسلمه له بنو الحاج حسن بيك القاطنون الآن في هذه الدار ، لكنهم لم يتخلصوا من ذلك إلا بواسطة كسره ، فتشوّه بذلك وذهبت بداعته ورونقه ، وهو يعد من جملة الآثار القديمة في حلب وملقى الآن في جنينة الدار.
ووقف المترجم على ذريته وقفا آل لبني الحاج حسن بيك ابن إبراهيم باشا زاده من جهة البنات ، لأن أمه بنت حسن أفندي ابن أحمد أفندي المترجم ولم يكن لحسن أفندي عقب سواها. ومن جملة ما وقفه طاحون السلطان ظاهر حلب من شماليها على نهر قويق ، وجميع المصبنة التي أنشأها الواقف في محلة باب قنسرين ، وجميع البستان المعروف ببستان المفتي بالقرب من قرية (بابلّا) ، وثمانية قراريط من خان العبسي الواقع أمام جامع العادلية وتاريخ كتاب وقفه سنة ١١٦٠ ، وله كتاب وقف آخر محرر سنة ١١٦٧ شرط فيه مدرسا في علم التفسير وواعظا وشيخ مكتب في جامع جده أبي يحيى المعروف به وغير ذلك.
ومن آثاره بناء المدرسة التي بالجلّوم بجانب جامع جده ووقف فيها مكتبة قيمة لا تقل أهمية عن مكتبة المدرسة الأحمدية ، لكنها الآن تفرقت أيدي سبا ، وقد تسلط عليها في أواخر القرن الماضي من لا يعرف لها قيمة ومد يده لها دون ممانع ولا معارض ، فكان يهدي منها للقضاة والكبراء الذين يأتون حلب ، وبقي منها بقية كانت موضوعة منذ عشرين سنة في خزانة داخل القبة التي فيها ضريح أبي يحيى ، ولابد أنها تعطلت بتاتا من الرطوبة