إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك لمكانته من يوسف آغا المتقدم ، ولما أعياهم الأمر التزموا جانب السكوت.
ثم لما أتى الفرنسيس إلى الديار المصرية وجهزت الدولة العثمانية الجيوش إلى مصر لأجل استخلاصها نهض المترجم فجمع مقدار خمسة أو ستة آلاف من أهالي حلب وتوجه إلى مصر مع القائد ضيا باشا (كان خروجه من حلب يوم السبت لثلاث خلت من ربيع الثاني سنة ١٢١٥ وفي هذه السفرة صار الفتوح ، وفي سنة ١٢١٦ عاد قدسي أفندي من مصر ودخل حلب هو والأشراف وزينت البلدة يوم دخولهم ، ذكر ذلك الشيخ بكري الكاتب في مجموعته) وشكر على خدمته هذه ووعد بأن يعطى قضاء مصر بعد استردادها وأنهى له من ذلك الحين من طرف القائد المذكور بتوجيه مولوية مصر عليه ، وقدم هو عريضة خاصة إلى يوسف آغا ، إلا أنه لمعارضته لشيخ الإسلام عمر خلوصي أفندي لم ينل ما طلبه فتكدر صاحب الترجمة لذلك.
ثم لما عادت الجيوش العثمانية من مصر إلى الآستانة عاد معهم ، وصادف في ذلك الأثناء أن شيخ الإسلام كان ابن صالح أفندي ، فوجهت عليه رتبة البلاد الأربعة.
وفي سنة ١٢١٩ عين قاضيا لمكة ، وبعد أن رجع من مكة إلى الآستانة صادف أن ضيا باشا قد انفصل من منصب الصدارة ويوسف آغا عزل عن وظيفته لوفاة سيدته الحرم السلطاني ، وكان هذان محط آماله ، فتحقق أن أيام إقباله قد أدبرت ونجم سعوده قد أفل ، فالتزم بيته ومرض بعد ذلك مدة طويلة إلى أن توفي سنة ١٢٢٢ ألف ومائتين واثنتين وعشرين ، ودفن في حظيرة السلطان بايزيد رحمهالله تعالى. ا ه.
أقول : وله ألف الأديب الفاضل الشيخ عبد الله العطائي الصحاف رسالته الموسومة «بالهمة القدسية» التي ذكر فيها الأدباء الذين ضمنوا قوله تعالى : (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ)(١) وقد أدرجناها برمتها في ترجمة العطائي.
وخلف المترجم ولدين هما تقي الدين أفندي وزكي أفندي ، فتقي الدين أفندي خلف بهاء الدين أفندي وسعد الدين أفندي وحسام الدين أفندي وعبد القادر أفندي وبدر الدين
__________________
(١) الزخرف : ٥١.