لا زال محطا لرحال الآمال ، ومنهلا سائغا إن كذب سراب وآل. وهذه أبياته الغرر ، وألفاظه الدرر ، وحكمه النوابغ ، أظل الله نعمه السوابغ :
عاشرت مصري أصل |
|
أهدى من الريق خمرا |
من نار خديه ألقى |
|
إلى فؤادي جمرا |
يا يوسف الحسن فارفق |
|
تزداد بالرفق نصرا |
قلبي لحبك مأوى |
|
وصاحب الدار أدرى |
فارحم لعبدك خلّي |
|
فذاك للعبد أحرى |
يا مالكا مصر قلبي |
|
لا تدعي الملك قهرا |
فقال زهوا وتيها |
|
أليس لي ملك مصرا |
ومنهم مفتي الأنام ، وإمام الأجلاء الأعلام ، ذو الحسب المفخم ، والنسب المعظم ، فرع الشرف والعلم والسيادة ، السيد حسن أفندي كواكبي زاده ، عريق نما من شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، وأنيق تفتقت من نشر أوصافه خمائل الأنواء ، أطلع على المقتبسين أنوار ذكاء من محاسن آرائه ، وأخفى عن الناظرين مثالب كيوان بقوة سعده ولألائه ، فالزهراء أهدت إليه المجد والصيانة ، والزهرة نوهت له بالصدق والأمانة ، جده أبو السعود وهو الأكبر ، ووالده أحمد الكواكب وهذا حسن أنور ، طالما تفننت الأدباء لدى مدح خيمهم فنونا ، وتغنت الورقاء على دوح أصلهم لحونا ، فهم أدلة الاهتداء لمن أراد حجة ، وكواكب الليلة الليلاء لمن طلب محجة. ثم إن مولانا حفظه الله ، وأدام كلاءته ورعاه ، عطر ذكرهم بعبير آدابه ، وعمر ركنهم بعلو جنابه ، واقتفى أثرهم علما وعملا ، وارتقى أثرهم مجدا مؤثلا ، فتحقق بمكارم أسلافه القادة ، وبفرائد أوصافه المستجادة ، ثم اجتلى من عرائس الأدب غررا ، ومن نفائس العقود دررا ، فلا يصوغ من البيان إلا ما غلا قيمة ، ولا يطوق إلا بالدرة اليتيمة. وهذه قوافيه شاهدة بذلك ، معربة بلسان حاله عما هناك ، من فضل فخيم ، ودر نظيم :
أفديه من ظبي أنس |
|
أصلى بقلبي جمرا |
لقد رماني بنبل |
|
لما بدا همت سكرا |
من غنج لحظيه أضحى |
|
يعلّم الناس سحرا |
فاق البدور سناء |
|
بكوكب الحسن أغرى |