الله مرقده المنور ، وخلد ذكره الحسن المعطر ، إمام العلماء بالنظر الثابت ، على مذهب صدر الصدور النعمان بن ثابت ، فنجب فرعه الطيب وساد ، وتمرن بملازمة الأفاضل النقاد. اشتغل بعلم سيبويه فأربى على أقرانه ، وتضلع بفقه الدين فكان غرة أهل زمانه. أمانة الفتوى عنده مصونة ، وجواهر الفقه في صدره مكنونة ، فهو حقيق بكل ثناء جميل ، وجدير أن يرقى إلى مجد أثيل ، ومقام شعره مقام منير ، ولا ينبئك مثل خبير. وهذه لآليه المشرقة ، وصوادحه المطوقة :
شقيق روحي تبدى |
|
بوجنة خلّ جمرا |
وطرة من دجاها |
|
أبصرت لا شك فجرا |
يفتر عن برد ثغر |
|
رضابه كاد خمرا |
مليك حسن رماني |
|
وصاد قلبي أسرا |
ظبي يصيد أسودا |
|
بصارم اللحظ قهرا |
جماله الفرد يحكي |
|
يا مغرم الحسن بدرا |
قلت الوصال حبيبي |
|
تغنم بذلك أجرا |
فقال إني مليك |
|
والبعد عني أحرى |
فقلت هل لك ملك |
|
نزعته أنت جبرا |
فقال يختال عجبا |
|
أليس لي ملك مصرا |
ومنهم السيد محمد أفندي خسروي ، نديم شب في حجر الكمال ، لو عصرت الظرف من عطفيه سال ، وسمير يرغب به جذيمة أمد الدهر ، ولو أن مع سواه عمرا وألف عمرو.
إن تكلم يصاخ إلى ألفاظه القندية ، وإن تبسم يرغب في نكهته الوردية ، وإذا جرى في ميدان السمر ، تأهب خدنه لملاقاة السحر ، في أقل من لمح البصر ، افتنانا بحديثه المزخرف ، وشوقا بما هو أبهج فيه وألطف ، ثم هذا كله مع اشتغال بفقه وعلم ، واتسام بلطف وحلم ، إذ كتابة الفتوى به منوطة ، ورسوم ألفاظها بيراعه مضبوطة ، فهو كاتب ماهر ، وناظم ناثر ، وهذه أبياته النفيسة ، ومحاسنه الرئيسة :
صاد الفؤاد وأجرى |
|
مدامع العين نهرا |
ظبي شرود نفور |
|
لقتلتي قد تجرّا |
يسطو بماضي لحاظ |
|
من صارم الهند أفرى |